آخر الكلام

عذابُ الغياب .. “في الأواخر من الشهر الفضيل”

بقلم: غسان عبد الله

تُلقي الحياةَ بقلبِ العاشقينَ..

تبثُّها صلاةً.. دعاءً وتلاوةً لأجزاءِ الكتاب..

ثلاثون لا تكتملُ فينا..

يموتُ وجدُنا من شقاءِ العشر الأواخرِ..

تسلخُ منا مطراً مخبوءاً طيَّ السحابْ..

وتأخُذُكَ آخرَ الشهرِ وسادةَ جنَّةٍ من ريش الغيابْ..

وأنا.. أنا العاشقُ الذي حارَ بأسئلتي الجواب..

أُميتُ وجدي من شقاء التحديق في غيابات السحاب..

أغوصُ بحارَ النائباتِ عاماً..

ويسرقُ مني حلاوةَ التلاوةِ بُعدُكَ.. ومرارةُ الإيابْ..

يمرُّ العمرُ.. وتعودُ إلي..

متعباً أرتمي في أسحاركَ.. المنتظراتِ..

شغفاً.. أحدِّقُ في منازل الهلالِ يلفُّها الضبابْ..

ثم.. تأتيني على عجلٍ..

وتتركني ها هنا نَهْبَ اشتياقٍ.. ونهب ارتقابْ..

تأتيني وأنا الذي شفَّني الشوقُ لليالي القدرِ فيكَ..

شاقني العذابْ..

وأناديكَ.. يا شهرَ الله العظيمِ..

لا تترك الروح بلا هدهداتكَ..

إني مسَّني الشيطانُ بنُصُبٍ وعذاب..

لا توحش استئناس قلبي.. بدون الثماليِّ..

وحيداً يسامرني الأسى..

تعالَ بلا عجلٍ.. لأركض برجلي..

فهذا مغتسلٌ باردٌ وشرابْ..

متعباً أرتمي عند أول انبجاسٍ لخيط فجركَ الصادقِ..

أرتمي على ثرى الأدعيةِ الحميمةِ الذكرِ..

أستحمُّ برذاذِ عطر الملائكةِ يسبِّحون بحمدِ الإلهِ..

لأعودَ وأرتوي بعدَ عامِ يبابْ..

أعود.. أعفِّرُ خديَّ لتلُمَّ الكرى عن جفوني..

ثم تمضي.. ويمضي العمرُ.. يوماً في إثرِ يومِ..

تمرُّ بخاطرِ الرياحِ.. مثل الحكايا الجميلاتِ..

عند العشايا.. وحول المواقدِ في برد الشتاءْ..

تحكيكَ ألسنُ العاشقينَ المفعمات..

تمضي سريعاً كلمحٍ للبصرِ.. كومض الضياء..

كنسيمِ فجرٍّ في خاطر الفصولْ..

أو كمثلِ عطرٍ يخطرُ ببالِ الوردِ.. أو كما الهطولْ..

كابتسامةٍ فريدةٍ على وجه السماء..

تمضي.. وتتركني ها هنا.. أسترفدُ في لياليَّ دفئاً..

والشفاهُ تتوق إيابكَ.. كالضراعةِ حيناً.. أو كالصلاة..

ثمَّ تمضي.. ويمضي بي العمرُ..

يا شهرَ الله العظيمِ لا تترك القلبَ صبَّاً..

إني مسني الشيطانُ بنصبٍ وعذابْ..

عدْ سريعاً ولا تفارق.. أركض برجلِكَ..

هذا مغتسلٌ باردٌ وشرابْ..