“القصاص الإيراني” حربٌ نفسية أتلَفَتِ العدو
بقلم: زينب عدنان زراقط
إنّها سياسةُ الحرب النّفسية في إتلاف أعصاب العدو وحرق سِعةَ تحَمُّلِه التّي لطالما احترفتها المُقاومة! وعلى الوعد ينتظرون القصاص الآتي لا محاله، و”سيندمون”…
إنّها شهادة القائد “محمد رضا زاهدي” التي شكّلت مُفترقَ طُرُقٍ أمام حرب غزّة التي كان مُقدّراً لها أن تطول أمداً، بعدما توعّدت “إيران” بالردّ بشكلٍ مُباشر على جريمة العدو الصهيوني – باعتبار أن قُنصُليتها جزءٌ من أراضيها – “متحفّظين على تحديد الزمان والمكان”، ما أدى لمسارعة الأمريكي مطالباً بـ “ضرورة وقف إطلاق النار في غزة” في تصريحٍ لا يُخالف “إسرائيل” في حربها وإنما إذعاناً منهم حيث استيقظوا قبل ربيبتهم على “فشل العدوان”، وأنه لا مفرّ من الرضوخ لغزة. وبدأت بعدها تسويات المفاوضات بالأخذ والرّد مع المقاومة الفلسطينية، من بعد أن أوصل رسائل عبر وسطاء طالباً من الإيراني ألاَّ يضرب قواعده – بحيث أن لا علاقة له – والآخرُ الإسرائيلي اقترح إن يكون الردّ خارج كيانهم – في سفاراتهم الخارجية – التي سبقَ وأخلوها؛ ما قلبَ موازين الحرب “طوفان الأقصى” لأن تُطفأ حِدَة وتيرتها، بعدما آيس العدو من تحقيق انتصارٍ يردع مقاومة “غزة” أو محيطها، أو أن يُخضع الفلسطينيين، لتكون جريمة القنصلية الإيرانية بدمشق تعويضاً تكتيكياً لجأ إليه العدو عن خسائره الجمّةَ على المستوى الاستراتيجي في مواجهته مع محور المقاومة عل كافّةِ الميادين تلوح بخسارته في “غزّة”، فما هي بوادِر انهزامه؟.
الصهيوني سيتلقى صفعة قوية
لم يأتِ الاعتداء الإرهابي لمجرمي الحرب في الكيان الصهيوني ضد مبنى رسمي يمثل الجمهورية الإسلامية في سوريا إلا تعبيراً عن مدى الهزيمة التي يتجرعها قادة هذا الكيان على أكثر من جبهة، الذي لم يحتمل تهديد قائد القوات المُسَلحةِ في إيران الإمام السّيد الخامنئي في بيانه تعليقاً على الجريمة متوعِّداً “سوف يُعاقب النظام الصهيوني الخبيث على أيدي رجالنا الشجعان، وسنجعلهم يندمون على هذه الجريمة وأمثالها بحول الله وقوته”. ومن هنا يمكن تسليط الضوء على بعض بوادر هذه الهزيمة:
أ- تماسك وحدة الساحات وتنفيذها وبشكل منظّم لحرب الاستنزاف ضد جيش العدو، حيث نجد أن هناك انسحابات للجيوش الغربية في جبهة البحر الأحمر نتيجة لضربات حركة أنصار الله والتي أحكمت حصارها الاقتصادي على الكيان، وهذه الانسحابات جاءت بعد إدراك بعض قيادات الجيوش الغربية لقصورها عسكرياً في حماية الكيان الصهيوني والأيام القريبة القادمة ستؤكد أخباراً عن مثل هذه الانسحابات وإقالة بعض قادة الجيوش الغربية لفشلهم الذريع في مهمتهم الداعمة للكيان الصهيوني. كما أن المقاومة الإسلامية في لبنان تعطل قدرات جيش العدو في الشمال الفلسطيني وتلقنه دروساً قاسية موقعة فيه خسائر كبيرة مضاف إليها الضغط الذي يمارسه قطعان المستوطنين على حكومة العدو نتيجة لمغادرة مستعمراتهم خشية صليات صواريخ حزب الله وضرباته. المقاومة الإسلامية في العراق وهي المقاومة المظلومة قد صدقت في مواقفها وثباتها على الرغم من الحصار المفروض عليها إعلامياً، حيث أقدمت على تنفيذ عمليات مؤلمة في قلب الكيان الغاصب وآخرها العملية النوعية التي هزّت أم الرشراش.
ب- إدراك متراكم لدى قادة العدو بأن حلمهم في القضاء على قضية الشعب الفلسطيني بات مستحيلاً على الرغم من المجازر بحق هذا الشعب وعلى الرغم من كل الدعم الأمريكي لآلة القتل الصهيونية والتي جعلت من الأمريكي العدو المباشر لشعوب المنطقة وقضاياها في وقت تستمر المقاومة الإسلامية في غزة في إلحاق الهزيمة بالجيش الصهيوني.
ت- إدراك الشعوب العربية المغرّر بغالبية أبنائها بأن من يحمل قضية فلسطين هم فقط رجال محور المقاومة في لبنان واليمن والعراق، وما عدا ذلك فهناك أنظمة غاية أهدافها هي حماية وجود الكيان الصهيوني والتغطية على جرائمه وهي تُمعن بوقاحة في ذات الوقت بمحاصرة الشعب الفلسطيني بشكل فاضح.
ث- تأكيد المؤكد بأن الجمهورية الإسلامية قد نجحت في تحويل الحجارة في فلسطين إلى شُهب وصواريخ بيد رجال المقاومة الفلسطينية التي لقّنت العدو وجيشه هزيمة استراتيجية – ولا زالت – عبر تصدّيها لجيش تقف خلفه قوى كبرى، وهذا النجاح يُحسب لنهج الثورة الإسلامية في إيران التي لم تدّخر جهداً لنصرة قضية المسلمين الأولى وهي القدس الشريف.
في الخلاصةِ، الاستهداف الذي جرى لمبنى القنصلية هو مخالف لكافة القوانين الدولية التي تتشدق بها دول الغرب، وبالتالي فإن من ارتكب هذا الجُرم سيتلقى صفعة قوية ومن المرجح في أكثر من موقع لكي يُدرك قادة الكيان الصهيوني بأنهم قد أسرفوا في اعتداءاتهم داخل المعركة الدائرة اليوم…
وأخيراً، على الرغم من محاولات الأمريكي اللاهث نحو الدعاية الانتخابية، التخفيف من وطأة الحماقة الصهيونية؛ إلا أن ذلك لن يمنع من وجود ردّ إيراني يؤيده أبناء محور المقاومة لِلَجْمِ تهوّر قادة الكيان الإرهابي الذين يحاولون الهروب من هزيمتهم في “غزة” حتى يجدوا أنفسهم وقعوا في هزيمة أكبر وأعمق. فهل تبقى “سياسة حرق الأعصاب” تفرك بالجلد الإسرائيلي حتّى تُردع آخر رصاصة نارٍ في “غزة” ويرفع معها الإسرائيلي – العشرة -، فتكون هزيمة العدو – نفسية – من هولِ “رُعب” تجرُّعِ قصاصَ جرائمهم، عِبرةً لِكُلّ من صدّقَ فيهم مقولةَ أنّهم “جيشٌ لا يُقهر”؟!.