عبرة الكلمات

عبرة الكلمات 438

بقلم غسان عبد الله

عشبُ الروح

تَمرُّ عُشْباً على الرُّوحِ‏ أسألُ:‏ كيف التصقتَ بذاكَ التُّرابِ‏ وقاومتَ…‏ كيف اشتعلتَ دماً في الحرابِ!!؟‏ وكيف مددتَ الجُذورَ عميقاً‏ من السَّفْحِ حتّى انكسارِ الهضابِ..‏ على راحتيكَ!!؟‏ وإنَّا.. وقد وزَّعتنا‏ دروبُ المنافي‏ غياباً مشى عاثراً في غيابِ‏.. لنحلمَ أن يرتقي العُشْبُ فينا‏ من القاعِ حتَّى تُخوم السَّحابِ‏.

أولُ المدى.. وآخرُه

يُعيدونَ رَسْمَ الصَّباحِ،‏ وَرَسْمَ الرِّياحِ،‏ وَرَسْمَ القصيدة‏ دماً بعثرتهُ المنايا‏ على جبهتينِ،‏ على غربتينِ،‏ صهيلاً يَشُقُّ الدُّروبَ‏ إلى الصُّبْحِ…..،‏ زيتونةً في الهضابِ….‏ عنيدةْ..‏ يُعيدونَ رَسْمَ الدُّروبِ‏ التي خَلَّفوها‏.. وما بين جُرْحٍ وجُرْحٍ‏ دَمٌ لا يَمُرُّ سِواهُ‏ إلى أَوَّلِ الحُلْمِ صوب البطاحِ‏.. وأَوَّلُ هذا المدى‏ كفُّ طفلٍ تُعيدُ كتابةَ هذا الصَّباحِ‏ على شُرفةٍ في جُنونِ الرِّياحِ‏.. وآخِرُ هذا المدى تمتماتٌ‏ تُثيرُ بُكاءَ النَّدىَ في الأقاحي‏.

أبواب

هذه الرّيح‏ آوتني في جنونها فاقتربتُ مِنْ حنيني!..‏ كنت أفتش عن أبواب نسيت أسماءها‏ عن أسماء تولد للتّو….‏ عمَّنْ قرأ سور أسوارها فبناها،‏ ثم أعطاها أسماءها!.. قلتُ للهزارِ الذي نام طويلاً في اسمي،‏ اخرجْ إلى بابِ الفرحِ، ودلّني على جهاتي!‏.. لست أدري كيف طار إلى شجنٍ فرأى الباب مفتوحاً؛‏ دَلَفَ إلى نبضِ القلبِ ثم عادَ يسوق أوجاعَي ودَرَجَ إلى باب الأمان.. فلم يجد أماناً‏.. ولم يجد باباً‏.. ولا اسماً!!؟‏ هل لهذا الوَجعِ باب؟!‏.. مَنْ يُغْلقه إذاً؟!‏.. قلتُ: هذه الريح حصاني‏ وهذه أدعيتي أطلقْتُها لتختَارَ سماءً‏ أو لتختارَ أرضاً‏.. وأرضى بغُصّتِها‏.. أرضى بعذابٍ يأخذني إلى جوقة المواجعِ..‏ إلى خيل تحمحمُ!‏ أختارُ مقبرتي..‏ أختارُ نجمةَ الرمّقِ الأخير‏ وأدقُّ…… أدقُّ‏.

لا تقل

لا تقل‏ كل يومٍ‏ سأطلق للأمنياتِ هواها..‏ وللقلبِ نبضاته الخابياتْ‏.. فجرار نميركَ خاويةٌ‏.. والعناكبُ تنسج فيها المماتْ‏.. لا تقل‏ في الصباحِ ستوقِظُني الزغرداتُ وتمنحني بلسم الجرحِ والبسماتْ‏.. فلياليكَ مترعةٌ بالجراحِ،‏ ودربُكَ من حجرٍ لا يريك الجهاتْ.