إقليميات

أثر حرب غزَّة على الاتفاق الأمريكي السعودي

بقلم: توفيق المديني

غير أنَّ الأزماتِ الدوليةِ المتلاحقةِ، والتحدِّي الروسِيِّ الكبيرِ للهيمنةِ الأوروبيةِ – الأمريكيةِ مع بداية الحرب الروسية – الأوكرانية عام 2022، أسهمت في زرع الخوف لدى البعض من أنَّ الانشغال الأمريكي قد يؤدي إلى تفكك الشراكات الأمريكية في الشرق الأوسط؛ لكنَّ المسئولين في واشنطن على مستوى الإدارة والكونجرس يعملون على التمسك بألا تؤثر الحرب على اهتمام أمريكا بشركائها في الشرق الأوسط.

إدارة بايدن المدافعة بشراسة عن بقاء النظام العالمي الليبرالي الأمريكي المهيمن والأحادي القطبية ترى أنَّ انتصار روسيا في هذه الحرب سيشجع خصوم أمريكا لا سيما الصين في استخدام القوة لاستعادة تايوان، وإعادة تشكيل المنطقة في آسيا والمحيط الهادئ، وكذلك إعادة تشكيل إيران الشرق الأوسط وفق مشروعها الإقليمي.

ومن وجهة نظر الإدارة الأمريكية، فإنَّ الدول العربية في إقليم الشرق الأوسط ستُقَرِّرُ بالتأكيد الوقوف إلى جانب واشنطن، لأنَّ النظام العالمي الرأسمالي الليبرالي الأمريكي المتوحش الحالي بما يقوم عليه من قواعد يفيدُ الأنظمة العربية التابعة للغرب، ولذا يجب عليهم دعم النظام الدولي الحالي، خصوصاً وأنَّ هناك محور ناشئ من التعاون والتنسيق بين الروس والإيرانيين والصينيين والكوريين الشماليين يَتَحَدَّى طبيعة النظام العالمي الليبرالي الأمريكي القائم حالياً، ويدعو إلى إقامة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

فقد أعادتْ الحرب الصهيونية على غزَّة الولايات المتحدة إلى المنطقة، حيث التزمتْ إدارة بايدن بالدفاع عن مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني بالتلازم، على حساب مصالح دول وشعوب المنطقة. فها هو الرئيس الأمريكي بايدن يؤكد أكثر من مرَّة أنَّ علاقة بلاده بالكيان الصهيوني “أقوى مما كانت عليه سابقاً، وهي متجذرة جيلاً بعد جيلٍ”، ووعدَ بِـ “إعطاءِ دفعٍ لعملية اندماج إسرائيل” في إقليم الشرق الأوسط، في إشارةٍ إلى خطوات التطبيع بين الاحتلال الصهيوني وبعض الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.

كما أبرزتْ الحرب الصهيونية على غزَّة التزامَ واشنطن بحماية أمن الكيان الصهيوني فضلاً عن توسيع دائرة التطبيع وإطلاقِ التحالفِ الدفاعِيِّ الإقليميِّ ضد إيران، مع تغييب الجوهر السياسيِّ للقضية الفلسطينية والاقتصارِ على الجانب الإنساني. كما أكَّدتْ الحرب أنَّ “إسرائيل” ستبقى الحليف الإستراتيجي الأول في الشرق الأوسط، للولايات المتحدة، وأنَّها ستحظى بالدعم السياسي والعسكري والأمني، ما يقود إلى تعزيز التحالفِ والتناغمِ بين أمريكا و”إسرائيل” في مختلف القضايَا الإقليميةِ، وهو ما يعكس التقاء المصالحِ الإقليميةِ والتأكيد للأنظمة العربية بأنَّ البوابة إلى البيت الأبيض تَمُرُّ من “إسرائيل”.

هل بات الاتفاق الأمريكي – السعودي وشيكاً؟

منذ مدة تعمل الولايات المتحدة على تحقيق إنجازٍ تاريخيٍّ يتمثل في التطبيع بين المملكة السعودية والكيان الصهيوني، لكنَّ القادة في المملكة يرهنون ذلك بتحقيق اتفاق تاريخي بين أمريكا والمملكة السعودية، يتعلق بضمان أمن المملكة الإقليمي كما لو كانت عضواً في حلف شمال الأطلسي، وتزويدها بمفاعل نووي تستخدمه للأغراض السلمية. لم يحصل ذلك.

في الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكن لحضور أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي، الاثنين29 نيسان/أبريل 2024، بالعاصمة السعودية، الرياض، قال بلينكن: “إنَّ العمل الثنائي السعودي الأمريكي المرتبط بالتطبيع مع “إسرائيل “من المحتمل أن يكون قريباً جداً من الاكتمال”.

في هذا السياق قالت صحيفة الغارديان” البريطانية في تقرير أعده مراسلها في واشنطن جوليان بورغر، أنَّ المملكة العربية السعودية تعمل على الدفع بخطة “ب” من أجل التوصل إلى صفقة متواضعة مع الولايات المتحدة، في غياب وقف إطلاق النار في غزَّة ورفض رئيس الحكومة الصهيونية الفاشية بنيامين نتنياهو حلَّ الدولتين، وتواصل العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزَّة.

وأضافت الصحيفة: أنَّ الولايات المتحدة والسعودية أعَدَّتَا مسودات اتفاقيات تتعلق بالأمن ومشاركة التكنولوجيا والمرتبطة بتسوية أوسع في الشرق الأوسط بين الصهاينة والفلسطينيين حُرَّاسِ الأمْنِ الصهيوني. إلا أنَّه وفي غياب اتفاق لوقف إطلاق النار في غزَّة ومعارضة نتنياهو لإقامة دولة فلسطينية والتصميم على اجتياحِ رفح في جنوبي غزة، فإنَّ السعوديين يدفعون باتجاه خطةٍ بديلةٍ تستثني “الإسرائيليين”. وذكرت الصحيفة أنَّ الأمريكيين والسعوديين سيقومون بناء على هذه الخطة بتوقيع سلسلة اتفاقيات بشأن معاهدة دفاع ثنائية، تساعد فيها الولايات المتحدة السعودية على بناء مفاعل نووي للأغراض المدنية وتشارك واسع في الذكاء الاصطناعي وغير ذلك من التكنولوجيا الناشئة.

وأشارت الغارديان إلى أنَّه سيتم “تقديم عرض للكيان الصهيوني بالتطبيع الدبلوماسي مع السعودية، مقابل قبول حلِّ الدولتين وإنهاء الصراع العربي – الصهيوني الذي مضى عليه 76 عاماً، إلا أنَّ خطة الرياض البديلة لن تكون معتمدة على موافقة من حكومة نتنياهو”. ونقلت الصحيفة عن فراس مقصد، مدير التواصل الإستراتيجي بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، قوله إنَّه “سيكون هناك مجال لنموذج الأقل مقابل الأقل ولهذا يجب ألا  تكون العلاقات مع الولايات المتحدة رهينة لأهواء الساسة الإسرائيليين أو حكومة نتنياهو”.

وبموجب هذه الخطة فلن تحصل إدارة بايدن على التسوية التاريخية الإقليمية الناشئة من أنقاض غزَّة، على الأقل مباشرة، لكنَّها ستقوي الشراكة الإستراتيجية مع السعودية وتوقف التَمَدُّدَ الصيني والروسي بالمنطقة. وليس من الواضح قبول الإدارة، علاوة على الكونغرس نموذج “الأقل مقابل الأقل”، حسب الصحيفة البريطانية.

وخلال انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض الإثنين الماضي، قال الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إنَّه من المتوقع “في القريب العاجل” إبرام اتفاقات ثنائية بين المملكة والولايات المتحدة، وذلك في معرض إجابته عن سؤال حول المفاوضات بين البلدين حول اتفاقٍ أمنيٍّ. وأضاف الأمير فيصل “معظم العمل تم إنجازه بالفعل. لدينا الخطوط العريضة لما نعتقد أنه يجب أن يحدث على الجبهة الفلسطيني”.

ومع اقتراب توصل الولايات المتحدة والمملكة السعودية لاتفاق “تاريخي” من شأنه أنْ يُوَفِّرَ للمملكة ضماناتٍ أمنيةٍ ويُحدِّدَ مساراً محتملاً لعلاقاتٍ دبلوماسيةٍ مع الكيان الصهيوني، تقول وكالة “بلومبرغ” الأمريكية إنَّ الاتفاق يواجهُ الكثيرَ من العقباتِ، لكنَّه سيكون بمنزلة نسخةٍ جديدةٍ من إطار العمل الذي تم إلغاؤه نتيجة الحرب بين “إسرائيل” وحركة حماس في غزَّة

ومن المحتمل أنْ تُعِيدَ مثل هذه الصفقة بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية تشكيل إقليم الشرق الأوسط، فإلى جانب تعزيز أمن الكيان الصهيوني والمملكة العربية السعودية، فإنَّ من شأنها أيضا أنْ تُعَزِّزَ موقف الولايات المتحدة في المنطقة على حساب إيران وحتى الصين.

غير أنَّ هذا الاتفاق “التاريخي” فيما لو حصل، سيحتاجُ لموافقة الكونغرس لأنَّه قد يمنح المملكة السعودية إمكانية الوصول إلى الأسلحة الأمريكية المتقدمة التي كانت محظورة في السابق. ويتضمن الاتفاق كذلك موافقة السعودية على الحدِّ من استخدام التكنولوجيا الصينية في الشبكات الحساسة في البلاد مقابل الحصول على استثمارات أمريكية كبيرة والمساعدة في بناء برنامجٍ نوويٍّ مدنيٍّ.

عقبات أمام الاتفاق

هناك عقباتٌ عدَّةٌ في طريق الاتفاق الأمريكي – السعودي، ومنها مسألة إقناع الكونغرس بالموافقة على صفقة تلزم الولايات المتحدة بحماية السعودية عسكرياً وهو أمر صعب على البيت الأبيض، خاصة إذا اختارت “إسرائيل” عدم الانضمام للاتفاق. وكذلك لا يزال العديد من الْمُشَرَّعِينَ الأمريكيين يشعرون بالقلق من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، على خلفية مقتل الكاتب في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في عام 2018. كما أنَّ الكثير من الْمُشَرَّعِينَ غير مرتاحين بشأن استراتيجية السعودية لخفض إنتاج النفط والتي تسببت في ارتفاع أسعار الخام.

ومن الجانب الصهيوني، يقود نتانياهو الحكومة الأكثر يمينية وفاشية في تاريخ الكيان الصهيوني، وقد استبعد في وقت سابقٍ المضي قدماً في خيار حلِّ الدولتين. كذلك يؤكد الائتلاف الحاكم في الكيان الصهيوني أنَّه لا يزال يُخَطِّطُ للقيام بالعدوان الوحشي على مدينة رفح في غزَّة، وهو ما تخشى الولايات المتحدة والدول العربية أن يؤدي إلى مجازر تقتل آلاف آخرين من المدنيين الفلسطينيين.

ومن شأن مثل هذا العدوان الصهيوني على رفح أيضاً، أنْ يُعَرِّضَ للخطر احتمالات وقف إطلاق النار على المدى القصير، والذي يقول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي التقى نتانياهو في القدس الأربعاء 1أيار/مايو الجاري، إنَّه يمثل أولوية للرئيس جو بايدن.

أهمية إقليم الشرق الأوسط في الاستراتيجية الأمريكية

منذ عهد إدارة أوباما السابقة ولغاية إدارة بايدن الحالية، قامتْ استراتيجية الأمن القومي الأمريكية، على أساس أنَّ الصين هي المنافس الاستراتيجي الرئيسي للولايات المتحدة، ثم تأتي روسيا في المرتبة الثانية. وقد تراجعتْ أولوية الشرق الأوسط في هذه الاستراتيجية، حيث ركزتْ الولايات المتحدة على اتباع الوسائل الدبلوماسية لا العسكرية لتخفيف حِدَّةِ الصراعاتِ وإنهائها. إذَنْ، فقد تراجع إقليم الشرق الأوسط في سُلَّمِ أولوياتِ استراتيجيةِ الأمن القوميِّ الأمريكيِّ.

لكنَّ كل ذلك قد تغير إثر اندلاع حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بين المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس والكيان الصهيوني، فقد تحول التركيز على الشرق الأوسط من جانب الولايات المتحدة، وتغيرتْ أفضل الخطط الموضوعة. فقد كانت عملية طوفان الأقصى، بمنزلة زلزالٍ استراتيجيٍّ، سيكون له آثاره وتوابعه الزلزالية على مصير القضية الفلسطينية ومستقبل المنطقة. كما سيكون أيضاً أحد العوامل المؤثرة في هذه المرحلة الانتقالية من عمر العالم الذي يشهد تغيراتٍ واسعةِ الْمَدَى في تشكيلِ القوى الإقليمية والدولية، وتَعْرِيَةِ النظمِ والولاءاتِ والتحالفاتِ.

لقد قَسَّمَتْ حرب الإبادة الجماعية التي يقودها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزَّة العالم العربي بين نظمٍ عربيةٍ تابعةٍ للنظام العالم الرأسمالي الليبرالي الأمريكي المتوحش المدافع بقوة عن البربرية الصهيونية اليهودية المتحالفة مع الصهيونية العربية الاستبدادية، وبين الشعوب العربية المقهورة المؤيدة للمقاومة الفلسطينية الباسلة، كما قسَّمَتْ العالم الرأسمالي الليبرالي الغربي بين حكومات الدول الغربية التي تخدم مصالح الشركات الرأسماليّة الكبرى والبنوك ومصانع السلاح ومُختبرات الأدوية الماسكة بمقدّرات الشعوب ومصائرها، وتؤيد حرب الإبادة الأمريكية الصهيونية في غزَّة، وبين الشعوب الغربية ونخبها المثقفة  المناهضة للصهيونية والمؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة، وقسَّمَتْ العالم المعاصر لا بين شرقٍ وغربٍ أو بين دولٍ مؤيِّدة ودولٍ مُناوئة، على الصعيد الكوني، بل بين النّظام العالَمي الرسمالي الليبرالي الأمريكي القائم على تغليب المصالح الاقتصاديّة والماليّة على مبادئ الحقّ والعدالة وتطبيق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وبين العالم الجديد متعدد الأقطاب الوليد التي تنادي به كل من روسيا والصين وإيران وجنوب أفريقيا.. وبذلك، تشكل عملية طوفان الأقصى بتداعياتها الجيو/استرتيجية إحدى اللّحظات التاريخيّة التي تغيِّر مجرى التاريخ الكوني. لذا، فحرب غزّة هي التي أعادتْ إلى العالَم القضيّة الفلسطينيّة ناصعةً وبشكلها التّامّ.

خاتمة

في هذه الحرب الصهيونية الجديدة على قطاع غزة، يخوض الرئيس بايدن معركة الانتخابات الأمريكية لخلق شرقِ أوسطٍ جديدٍ، من خلال تحقيق اتفاقٍ تاريخيٍّ بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية، حيث أنَّ إدارة بايدن كانت تسعى بجدٍّ، في الأشهر السابقة، لتحقيق التطبيع السعودي- الصهيوني. وكانت واشنطن مقتنعةً بضخامةِ هذه الصفقة الاستراتيجية؛ فإذا كانت “إسرائيل” تمتلك علاقاتٍ جيدَّةً مع أقوى دولة في العالم العربي من الناحية الجيوسياسية، بضماناتٍ أمنيةٍ أمريكيةٍ كبيرةٍ، فإنَّ ذلك سيمثل تحولاً في المشهد الشرق أوسطي.

يعتقد الرئيس بايدن أنَّ قاعدة هذا الشرق الأوسط الجديد هو التحالف بين الكيان الصهيوني والمملكة السعودية، سوف يخلق مِحْوَرَ ردعٍ ضدَّ إيران من شأنه أن يسمح لواشنطن بالتركيز بشكلٍ أفضلٍ على منافستها مع الصين والتحدِّي التاريخي الروسي للحرب في أوكرانيا.

غير أنَّ الحرب الدائرة في غزة، بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية بقيادة حماس، كشفتْ أيضاً، عن عودة القضية الفلسطينية بوصفها القضية المركزية التي تجمع كل العرب والمسلمين، والدعم المطلق لها في جميع أنحاء العالم العربي، وكذلك في البلدان ذات الأغلبية المسلمة في أماكن أبعد، يشهد على ذلك المظاهرات العارمة التي شهدتها معظم العواصم العربية والإسلامية وكذلك الغربية، وهو ما يؤكد أنَّ خيار المقاومة من أجل تحرير الأرض السليبة في فلسطين المحتلة، لايزال على جدول أعمال الأمة العربية، وأنَّ إقليم الشرق الأوسط المناهض للإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني من خلال أطرافه الفاعلة: إيران وسوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية، وجماعة الحوثيين، وفصائل المقاومة العراقية، لا يمكن دفنه بمثل هذه السهولة.

إنَّ حربَ الإبادةِ الجماعيةِ التي تخوضها إدارة بايدن والحكومة الصهيونية النازية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، جمدَّتْ أي حديث عن تطبيعٍ سعوديٍّ – صهيونيٍّ وشيكٍ، وعرَّتْ أمل نتنياهو الواضح في إمكانية تهميش الفلسطينيين في مشهد إقليمي أوسع يبدو أكثر سذاجةٍ من أي وقت مضى، خاصة أنَّ الدول العربية على الرغم من تبعيتها العمياء للغرب، واستسلامها، ترى في هذه الحرب دليلاً على السبب الجذري، وهو غياب أية تسوية تمنح الشعب الفلسطيني إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف.

لا أحد يستطيع القول بأنَّه يمكنه مواجهة إيران وفصائل محور المقاومة من دون الولايات المتحدة. هناك إحباط وتوتر كبيران لدى الدول العربية الخليجية الحليفة للولايات المتحدة، وللكيان الصهيوني، وفي مقدمتها المملكة السعودية، الباحثة عن تحقيق اتفاق تاريخي يحقق لها أمنها القومي والإقليمي من خلال الولايات المتحدة وإجراءاتها العسكرية في إطار الردع المتكامل ومفهوم الأمن الأوسع الذي يتجاوز الحدود الإقليمية لكل دولة بالمنطقة لمواجهة أكثر التحديات الأمنية إلحاحاً في الشرق الأوسط وخصوصا المسيرات الإيرانية الهجومية والانتحارية القاتلة.

ولا يزال التنسيق العسكري والاستخباراتي مرناً للغاية بين الولايات المتحدة والدول العربية التابعة للغرب في الشرق الأوسط بما فيهم الكيان الصهيوني، هذا على الرغم من الغضب الحقيقي في العالم العربي على حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزَّة.

لن يعود إقليم الشرق الأوسط أبداً كما كان قبل 7 أكتوبر /تشرين الأول 2023، على الرغم من حجم التآمر الدولي والإقليمي، وحجم التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني في القطاع الصامد.