إعرف عدوك

إسرائيل توجهت الى أعضاء في مجلس الشيوخ .. تحدثوا مع المدعي العام في لاهاي

ترجمة وإعداد: حسن سليمان

وانتهت حياته في زنزانة سجن في لاهاي، حيث اتهمته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وهي المؤسسة ذاتها التي تدرس حالياً إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار.

لم يكن الهدف من المصدر اتهام إسرائيل أو نتنياهو بارتكاب إبادة جماعية، أو الرغبة في تسليمه. وكانت وجهة نظره سياسية: يمكن إلقاء اللوم على نتنياهو في كل أخطاء إسرائيل خلال الحرب، وبالتالي البدء بعملية تنظيفها وتنقيتها من البقع التي علقت بها. نعم، هذا هو ما وصلنا إليه، بعد أشهر قليلة من هجمات القتل الجماعي التي وقعت في السابع من تشرين الأول: هذه هي إسرائيل، التي تعيش أزمة دبلوماسية عالمية، وتحتاج إلى الإنقاذ.

ومن المؤسف أن التطورات المحتملة حول المحكمة الجنائية تذكرنا بالحروب في يوغوسلافيا. وتم تسليم ميلوسيفيتش بعد فرض العقوبات على صربيا. وكان خصمه السياسي الصربي هو الذي قرر نقله إلى لاهاي، متجاهلاً القانون المحلي، “من أجل مصلحة البلاد”. لدي انطباع أن نتنياهو يعرف هذا السيناريو. هو يتواجد تحت ضغط هائل بخصوص إصدار المذكرات. وفي الفترة الأخيرة، نتنياهو ضغط بنفسه على المؤسسة الأمنية مرة تلو الأخرى لإدخال مواد غذائية ومساعدة إنسانية أكثر. الادّعاء الذي سمع في المؤسسة السياسية والأمنية هو أن إدخال المساعدة يمكن أن يساعد على عرقلة أو منع اصدار المذكرات.

رئيس الحكومة دفع في الأسبوعين الأخيرين إلى فتح معبر إيريز بسرعة. وقد قال لي مسؤول أمني كبير: “نفس الشخص الذي ضغط علينا طوال الوقت لتفجير المعابر إلى قطاع غزة، بداية الحرب، وقال لم يعد هناك المزيد من العلاقة بين إسرائيل والقطاع. هو من الآن يطلب أن يتم فتح معبر إيريز بأسرع وقت”.

وقد تم يوم الأربعاء من هذا الأسبوع، في أعقاب ضغط رئيس الحكومة، فتح معبر إيريز. إن الضغوط التي يمارسها نتنياهو كبيرة لدرجة أنه يتخذ إجراءات من غير المرجح أن تكون مفيدة. فقد ناشدت إسرائيل، في الأيام القليلة الماضية، رئيس مجلس النواب في الولايات المتحدة، وأعضاء بارزين في مجلس الشيوخ، الضغط على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية. من أمور أخرى، يتم الحديث عن الدفاع قدماً بتشريع في الولايات المتحدة ضد المحكمة الدولية، إذا أصدرت المذكرات.

إنه تعبير عن عدم الثقة بالإدارة الأمريكية. وهذا الأسبوع نشر أن رئيس الحكومة نتنياهو طلب من عائلات المخطوفين أن يعملوا هم أيضاً ضد المذكرات. وقد نشر أيضاً الكاتب السياسي باراك رابد في “أكسيوس” بأن إسرائيل نقلت رسالة إلى الولايات المتحدة وفيها أنه إذا صدرت مذكرات في لاهاي، فإنه ستعاقب السلطة الفلسطينية وتدفع إلى انهيارها.

يقوم نتنياهو بعرض هذه المذكرات على أنها ضرر قومي. إنه علي حق. لكن في المؤسسة السياسية، وفي الائتلاف أيضاً، يتساءلون عما إذا كانت دوافعه مرتبطة أيضاً بمصيره الشخصي. أو كما أخبرني أحد المصادر – بطريقة خبيثة إلى حد ما -: “إذا صدرت مثل هذه المذكرات، فإن حرية التنقل الدولية لنتنياهو ستكون معادلة لحرية التنقل التي يتمتع بها فلاديمير بوتين، وهو على ما يبدو يفهم ذلك”. هناك مذكرة اعتقال بحق بوتين من المحكمة الجنائية في لاهاي منذ آذار 2023.

بعيداً عن أي مسألة شخصية، فإن إصدار مذكرات اعتقال ضد شخصيات إسرائيلية يشكل لحظة خطيرة. خطيرة ليست بالنسبة لهم فقط، وليس فقط بالنسبة لمكانة إسرائيل، بل أيضاً بالنسبة للمؤسسة الأمنية ككل. لجنود الاحتياط الذين قاتلوا ويقاتلون في قطاع غزة. إلى فكرة إمكانية شن الحرب في المستقبل أيضاً. هذه مسألة كان ينبغي معالجتها في وقت مبكر، قبل ذلك بكثير. إن حالة الجنون التي أصابت نتنياهو هي دليل جيد على ثقافته (الافتقار إلى) الإدارة: التجاهل والمماطلة، ثم الذعر التام وإطلاق النار بكل الأسلحة النارية. ومن المؤسف أنه لم يستثمر جهوداً مماثلة في خلق رؤية لقطاع غزة من دون حماس، أو تعبئة حقيقية للمجتمع الدولي من أجل إطلاق سراح المختطفين.