عاصفة اسحاق يوسف: “كلام الحاخام – جحود وتجديف”
ترجمة وإعداد: حسن سليمان
تصريح الحاخام الأكبر إسحاق يوسف، بأن جنود الجيش الإسرائيلي ليسوا هم الذين منعوا الصواريخ من السقوط بل صلوات طلاب المدارس الدينية، لا ينبغي أن تفاجئ أحداً، بل هي علامة بارزة وحمراء على التصور السائد في الجمهور الحريدي.
في حين أنه من الواضح للجمهور العام والمتدين أن ما حدث ليس ما سيكون، في القطاع الحريدي يزرعون الرواية القائلة بأن هناك جيشين – مرتدو الزي الأسود والأبيض، الذين هم المهمون، والذين يرتدون الزي الأخضر الذين يُعتبرون أقل أهمية.
بالنسبة للذين فاتتهم العاصفة الدورية للحاخام الأكبر، إليك ملخص: في درسه الأسبوعي مساء السبت في كنيس يزديم في القدس، تناول الحاخام الأكبر، كما يفعل في كل أسبوع، قضايا الساعة: “تم إلقاء 13000 صاروخ على دولتنا، وتبارك الرب أي معجزات وعجائب كانت لنا. بفضل ماذا، بفضل رئيس الأركان؟ بفضل أبناء التوراة، أبناء المدرسة الدينية، الذين يجلسون وينهمكون في التوراة! هذا هو الرأي الصحيح”.
أثار هذا الكلام قدراً كبيراً من الغضب. على سبيل المثال، قال الحاخام دافيد ستاف، رئيس منظمة “تسوهار” الحاخامية: “كلام الحاخام الأكبر المستخف برئيس الأركان والجنود في خضم حرب هي جحود وتجديف”. كل من يتابع ما يحدث في الجمهور الحريدي لم ينفعل – ليس من المتحدث، الذي سبق أن تورط أكثر من مرة بسبب تصريحاته، بل وحتى يبدو مهتماً بهذه العواصف، وليس من السردية، التي هي سائدة، كما ذكرنا، في الجمهور الحريدي.
مع اندلاع الحرب، وجد الحريديم أنفسهم في مصيدة. لأول مرة منذ عقود، كانوا بحاجة إلى حماية واسعة، سواء في مدن يهودا والسامرة (الضفة) أو قربها مثل إلعاد، أو حتى في مدن مثل أوفاكيم ونتيفوت ذات التركيز الحريدي الكبير. في البداية، بدا للحظة أن الكثيرين سيتركون المدارس الدينية وسيتجندون في الجيش، لكن مع مرور الوقت انخفضت الرغبة القوية في المساهمة بشكل كبير، وبالتأكيد عندما اقتحمت عاصفة مشروع قانون التجنيد حياتنا.
من أجل الحد من الشعور بالذنب، بدأ سرد مألوف ومعروف يتلقى التعزيز. لطالما اعتقدوا في العالم الحريدي أنهم هم الذين يدافعون عن الدولة، وفي الأشهر الأخيرة، في ضوء المطالبة بالدفاع مادياً عن دولة إسرائيل، تعزّزت هذه المقاربة. إذا اقترَبْتَ من حريدي عشوائي وسألته عن رأيه في مشروع القانون، فسوف يقول لك على الفور إن أصدقائه وأبناء عائلته مجندون ويشاركون في المجهود الحربي – في المدرسة الدينية.
التماس لإلغاء جائزة إسرائيل
هناك عدد غير قليل من المشاكل مع هذا الموقف..
أولاً، وقبل كل شيء، في حين يعتقد الجمهور القومي – الديني أيضاً أنه من الضروري الدراسة والصلاة من أجل شعب إسرائيل، فإنهم يعتقدون أنه يجب الدفاع عن الدولة مادياً أيضاً. من ناحية أخرى، يطلب الحريديم من الآخرين حمايتهم مادياً، بينما يظلّون عاجزين تقريباً في مواجهة المخربين والدول المعادية، ويطالبون العلمانيين بالاعتماد عليهم بأنهم جزء من المجهود الدفاعي الذي يحمي الدولة.
ثانياً، توقيت ملاحظات الحاخام يوسف لا يتناسب مع الرواية العامة.
في بداية شهر نيسان/أبريل، خرج طلبة العلوم الدينية في إجازة. وبينما كان مقاتلو تشكيل الدفاع الجوي يعترضون الصواريخ فوق قبر هارشبي في ميرون أو بني براك، كان طلبة العلوم الدينية يقضون إجازتهم ويستمتعون. ليس هذا ما يبدو عليه المجهود الحربي – هذا ما يبدو عليه العذر الواهي لعدم التجند في الجيش الإسرائيلي. يدرك الحاخامات جيداً هذه السخرية، لذلك كان أحد الأوامر هو عدم الذهاب إلى المراكز التي يتجول فيها العلمانيون. إن صورة الشباب الحريديم وهم يتنزهون، بينما يقاتل أقرانهم العلمانيون والمتدينون، لا تبدو جيدة على الإطلاق.
صدر عن الحاخام إسحاق يوسف عدد غير قليل من التصريحات التي كان من الأفضل عدم قولها. قبل حوالي شهر، قال إنه إذا أُجبر الحريديم على التجند، فسوف يغادرون إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، تراجع مراراً وتكراراً عن هذا التصريح ودعا إلى الصلاة من أجل الجنود الذين يقاتلون، لكن التصريح الحالي يثبت تصوّره لمن هو في المستوى الأول ومن هو في المستوى الثاني.
على هذا الكلام هناك التماس عاجل إلى المحكمة العليا، قدمته المحامية باتيا كاهانا درور، لإلغاء منح جائزة إسرائيل للحاخام بسبب تصريحاته التوراتية. وفقاً للمدعية، قال الحاخام هذا الكلام في درس التوراة وهذه ليست القيم التي يجب تقديم مثل هذه الجائزة من أجلها. يمكن الافتراض بحذر أن هذا الالتماس لن يتم قبوله وأن الحاخام يوسف سيحصل في النهاية على الجائزة، لكن ليس هناك شك في أن هذه علامة تحذير واضحة للحاخام، الذي، بالنسبة لعامة الناس، يتجاوز الخط الأحمر.
وقد أدلى الحاخام يوسف بتصريحات مثيرة للجدل عدة مرات في السنوات الأخيرة، عادة في درسه الأسبوعي في كنيس يزديم، وهو درس استمع إليه باهتمام الصحفيون الحريديم الذين يبحثون عن العنوان التالي.
“بين زنجي وقرد”
في مارس/آذار 2018، قارن الحاخام يوسف بين “الزنجي” و”القرد”. في درسه، أعطى مثالاً على “بركة الرؤية” (تُتلى لدى رؤية مخلوق شاذ) وادّعى أنه “ليس كل زنجي يُبارك.. يجب أن يكون زنجياً أبوه وأمه أبيضان.. إذا كنت تعرف، أنجبا قرداً، أتاهم ابن من هذا القبيل”. حتى أنه ادعى أنه “عندما تمشي في الشارع في أمريكا كل خمس دقائق سترى زنجياً. هل ستباركه، بركة الرؤية؟ إلا أنه يجب أن يكون زنجياً والده وأمه أبيضان”. عندما تسبب هذا الكلام بعاصفة، ادعى مكتب الحاخام أنه كان اقتباساً من التلمود البابلي.
بعد ذلك بعامين أثار الغضب مرة أخرى، هذه المرة من جهة المهاجرين من بلدان رابطة الدول المستقلة. في مؤتمر حاخامي، ادعى أن “مئات الآلاف أو عشرات الآلاف من الغوييم” (الأغيار) قد جاءوا إلى البلاد في العقود الأخيرة.
نشأت عواصف أخرى بعد أن اتخذ الحاخام إسحاق يوسف موقفاً على الحدود السياسية على مر السنين. في سنة 2021، قاطع وزير الشؤون الدينية آنذاك متان كاهانا بسبب مواقفه وعمله بنشاط على منع إصلاحات التهود والكشروت (الطعام الشرعي). بالإضافة إلى ذلك، نظم مؤتمراً احتجاجياً ضد خطط الوزير المسؤول هذه.
إسرائيل هيوم – حنان غرينوود (مراسل شؤون الاستيطان والأديان)