إقليميات

جَبهَة الإسناد في سوريا التأمَت ومُخَطَط “نتنياهو” فَاشِل!

بقلم زينب عدنان زراقط

وها هو المشهد يتكرر اليوم مباشرةً بعد إعلان وقف إطلاق النار في لبنان بساعات وخروج رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو ليُلقيَ خطاب الهزيمة، وقد جاء ملغوماً بإعلانه المباشر التهديد للنظام السوري والرئيس بشار الأسد للحيلولة دون توفير خط التواصل بين محور المقاومة في حدّ قوله، “نحن نحبط بشكل منهجي محاولات الجيش السوري في نقل السلاح إلى لبنان، الأسد يجب أن يعلم أنه يلعب بالنار”. فهل الهجوم الإرهابي على سوريا هو مخطط إسرائيلي محضّر مسبقاً وهدفه حصار المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية بقطع طرق إمدادها؟!.

لا يخلو من الأمر من تواطُؤ عربي

وفي ظلّ غياب الدول العربية عن ساحة التبريك بانتصار لبنان على العدو الإسرائيلي واللهفة لمدّ يد العون، في مشهدٍ مغاير عمّا جرى بعد انتصار تموز 2006، حيث لم تقم الدول العربية بالمساعدة لإعادة الإعمار، – فيما أن إيران “كفّت ووفّت” – تلعب هذه الدول العربية الدور الأساس والحاضن لهذه الجماعات التكفيرية التي هي بالأساس بدعم وتنظيم وتأسيس أمريكي صهيوني وباعتراف الأمريكيين أنفسهم، وقد رأينا كيف كان الإسرائيلي يستقبل جرحى المسلحين ويدعمهم لوجستياً وتنظيمياً وتسليحياً في بداية الحرب السورية ولا يزال.

بعد سنة وبضعة أشهر من نداءات أهل غزة وهم يستغيثون العالم الإسلامي ليلبوا نداء النصرة لهم ولكن ما من مجيب، نرى تحرّك الجماعات المسلحة تغدر بالمناطق غير التابعة لها وتقتل وتخرب وتنتهك كل شيء بحجة تحرير المناطق – تحرير الشّام -!. وفي هذا الإطار يسأل السيد بدر الدين الحوثي – قائد القوات المسلحة اليمنية -، “لماذا لا يذهب من يتحرك تحت هذا العنوان، ومن حرَّكه، لتحرير فلسطين، التي لم تحظَ بالحُرِّيَّة والاستقلال منذ أكثر من مائة عام، تعاقب عليها الاحتلال البريطاني، ومن بعد الاحتلال البريطاني أتى الاحتلال الإسرائيلي”؟!.

على كُلٍّ، سوريا هي قلب محور المقاومة التي تعي ماذا تعني سوريا لحاضر ومستقبل الأمة والكل متأهّب في الميدان لنصرتها. وفي تنسيقٍ مشترك ما بين الرؤساء الثلاثة، السوري والعراقي والإيراني، الأسد والسوداني وبزشكيان تمّ بحث الأوضاع في سوريا، وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن أمن سوريا والعراق هو أمن واحد، مشدداً على استعداد العراق لتقديم كل الدعم اللازم لسوريا لمواجهة الإرهاب وكافة تنظيماته، مؤكداً تمسُّك بلاده باستقرار سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها. وهددت المقاومة العراقية كل من يرعى الخراب الداخلي في سوريا “وقد سبق أن قالت الكتائب كلمتها في وعد لها: إن بأسنا الشديد يطال الداعمين قبل أدواتهم، و(ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍۢ)”. أما عن موقف “حزب الله” – لبنان – فقد أعرب الأمين العام “الشيخ نعيم قاسم” في كلمته الأخيرة أن المقاومة سوف تكون إلى جانب سوريا في إحباط أهداف العدوان عليها، في موقفٍ جاء كالسكين في قلب نتنياهو!.

مخطط نتنياهو عمره ثلاثون عاماً

اللافت ذكره ها هنا التذكير بما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في كتابٍ ألّفه بعنوان “مكافحة الإرهاب”، حيث أن النظرية السائدة فيه صريحة للغاية باعتباره أن “قتال حماس وحزب الله والجماعات الأخرى التي هي ضد إسرائيل بشكلٍ مباشر لن يُجدي، بل ما يجب فعله هو إسقاط الحكومات التي تدعمهم”، مُعلِلاً نظريته الخطيرة بأنه، “نحن بحاجة إلى تغيير النظام في جميع أنحاء الشرق الأوسط” ويعود تاريخ إصداره هذا المؤلّف إلى عام 1996م. يقول المتحدث والخبير الأمريكي “جيفري ساكس”. “هذه عملية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا، وهذا جزء من خطة نتنياهو طويلة الأمد المستمرة منذ ثلاثين عاماً، وهدفها إسقاط تلك الحكومات في الشرق الأوسط التي تدافع عن قضية فلسطين، ويبدو أنهم بهذه المناورة الأخيرة فاجأوا الروس والإيرانيين والسوريين”. كما ورد في صحيفة إزفيستيا الروسية أنَّ “‏الهجوم الإرهابي الكبير على حلب تنسيق بين ‏الاستخبارات التركية ‏والاستخبارات الأوكرانية ‏والاستخبارات الفرنسية ‏بدعم إسرائيلي وموافقة أمريكية ‏والتخطيط كان منذ شهرين وكان من المفترض هذا الهجوم يكون في شهر مارس القادم ولكن احداث لبنان ساهمت في الاستعجال”.

فيما تصوّب القراءات على أن الهدف من وراء تحريك الإرهابيين من مرتزقة تركيا والتكفيريين وغيرهم من الشتات شمال شرق حلب إلى إسقاط القواعد العسكرية والسيطرة على معامل الدفاع ومنشآت للبحوث العلمية السورية في السفيرة ومحيطها جنوب شرق حلب وإسقاط محافظة حماة واجتياح ريفها في إدلب وكل هذه المواقع هاجمها العدو الإسرائيلي مراراً وتكراراً في الفترات السابقة لاعتبارها مصنع للقدرات العسكرية لسوريا والمقاومة، في مخطّطٍ يصل إسقاط حمص وحصار الساحل السوري وبلوغ القصير كمنطقة خطوط إمداد للمقاومة في لبنان. ثم التّوغل على طول الحدود السورية اللبنانية في القلمون وإسقاط المعابر والمنافذ الحدودية وبالتالي قطع كل خطوط الإمداد عن المقاومة في لبنان وحصار لبنان برياً بشكل كامل وعزله عن سوريا وحصار بيئة المقاومة وبعدها تهديد دمشق تزامناً مع تحريك خلايا نائمة في درعا وجنوب سوريا. المخطط كبير، لتشكيل منطقة غرب آسيا لتطبّع وتخضع تماماً لاحتلال وإرادة وإدارة ذلك اللوبي. ومن غير المستبعد الدخول الإسرائيلي المباشر في المعركة وبدأت إشارات هذه الخطوة تظهر من خلال إقدام الطائرات الحربية لجيش الإسرائيلي بقصف الحدود اللبنانية السورية في إشارة إلى إمكانية تدحرج الأمور وتطورها خصوصاً بعد إعلان موقف “حزب الله” بشكل رسمي بالمساندة لسوريا.

أما عن الدور التركي فلا يقل خطورة عن وجود الكيان الصهيوني، بل هو رديف لمشاريع التقسيم في المنطقة، حيث بات العامِل التركي متبنياً بشكل رسمي لنشاط التنظيمات التكفيرية الإرهابية بعد أن كافأ حلف الناتو تركيا بتوسيع وجودها في شمال سوريا والعراق وبعد أن وافقت على توسيع الناتو عبر قبولها عضوية فنلندا والسويد. وما التسويق التركي الجديد للمشروع الصهيوني لإضعاف سوريا ومحاصرة قوى المقاومة بمعية نتنياهو هو رسالة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب للنظر فيها ومباركتها إن استساغها الأخير.

آخر الكلام، التحديات في المنطقة تتطلب عدم ترك سوريا تواجه مشروعاً خبيثاً لا يستهدفها وحدها فقط، وإنما قد يتجاوزها ليحاصر العراق مستقبلاً أو قد تتبناه الخلايا النائمة في بعض المحافظات التي تتنفس طائفياً في تجربة مشابهة لما جرى في عام 2014. المقاومة الإسلامية في العراق الى جانب الجيش اليمني ورجال حزب الله والمقاومة الإسلامية في فلسطين أثبتوا صوابية خياراتهم في تبنّي مبدأ وحدة الساحات الذي أنهك العدو ما جعله يبحث عن وكلاء ليستمروا بما ينشده في المنطقة سواء أكان هذا الوكيل تركياً أم أدوات الصهيوني والأمريكي التكفيرية وغيرهم من مرتزقة الخليج وآل سعود. فما هو الموقف الإسرائيلي في ظل مساندة الطيران الحربي الروسي للجيش السوري ووصول أرتال كتائب حزب الله العراقي والموقف الأخير من المقاومة اللبنانية والحركة الدبلوماسية النشطة ما بين دمشق وطهران، هل يرتدع أم يمضي في عنجهيته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *