المقاومة تقلب المشهد جنوباً وتجهض خيارات العدو واللجنة الخماسية تهدد “بدوحة جديدة”
بقلم: محمد الضيقة
منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 لم يترك الكيان الصهيوني يوماً من دون ممارسة التعديات عليه وبأسلوب مختلف عن باقي دول الطوق العربية، معتبراً لبنان الخاصرة الرخوة التي يستخدمها من أجل التعبير عن قوته وغطرسته في مواجهة العالم العربي، وذلك بالاستفادة من التركيبة الطائفية والمذهبية للبنان، واللعب على تناقضاتها التي استثمر فيها بأكثر من محطة منذ عام 1948 حتى الآن.
أوساط سياسية متابعة أوضحت أن مسار الصراع المفتوح بين الكيان الصهيوني استمر على منوال واحد منذ اغتصاب فلسطين حتى عام 2000، حيث أجبر تحت ضربات المقاومة للانسحاب، وهي المرة الأولى في تاريخ الصراع العربي – الصهيوني يُجْبَر العدو على ترك أراضٍ كان قد احتلها من دون أي تفاوض.
وأضافت الأوساط أنه بعد العدوان الذي تعرض له لبنان في العام 2006 تغيرت المعادلة، حيث تمكنت المقاومة من فرض قواعد اشتباك ردعت العدو عن استباحة جنوب لبنان، كما كان يحصل في السابق، فبعد أن كان يجتاح القرى اللبنانية من دون أي مبرر أو ذريعة، نراه اليوم ومنذ بداية طوفان الأقصى يطلق تهديداته الفارغة بغزو لبنان في معزوفة باتت ممجوجة على كثرة تردادها على لسان قادة أجهزته الأمنية وقادته السياسيين.
وأشارت الأوساط إلى أن الصورة قد انقلبت رأساً على عقب، حيث بات لبنان ومن خلال المقاومة هو الذي يبادر إلى مهاجمة الكيان الصهيوني، حيث تمكنت المقاومة من إفراغ المستعمرات شمال فلسطين من المستوطنين، وهذه لأول مرة تحصل لهذا الكيان الذي اعتاد طوال عقود من ممارسة أقسى الاعتداءات على القرى الجنوبية، حيث تم تهجيرهم أكثر من مرة.
مؤكدة أن مسلسل الرعب قد انتقل إلى المستوطنين، في حين يمارس المواطنون في جنوب لبنان حياتهم العادية، لافتة في هذا السياق إلى أن الثغرة الوحيدة التي ما زال لبنان يواجهها ويعاني منها هي الانقسامات الطائفية والسياسية بين مكوناته الحزبية، الأمر الذي ما زال العدو الصهيوني وحلفاؤه يستثمرون فيها، وهذا ما يُعمَل عليه الآن من خلال اللجنة الخماسية التي يدّعي ممثلوها أنهم جادون من أجل إيجاد تسويات لكل الملفات وخصوصاً ملء الفراغ الرئاسي، ومعتبرة أن هذا الحرص من اللجنة ليس محبة بلبنان، بل العمل من أجل رمي الكرة في ملعب الثنائي الوطني الذي يشترط الحوار كمدخل منطقي لملء الشغور الرئاسي، وعلى الرغم من تحركات هذه اللجنة التي فشلت حتى الآن منذ شهور في إيجاد حل وسط يُجْمِع عليه اللبنانيون، إلا أن الأوساط تشير إلى أن النقاش بين أعضاء اللجنة، وبعد الفشل المتواصل بدأ الحديث خلال اجتماعاتها عن تكرار تجربة اتفاق الدوحة وبنسخة جديدة للخروج من المأزق القائم، على أن تبقى وثيقة الوفاق الوطني هي الأساس لأي اتفاق جديد.
وتؤكد الأوساط أنه في حال انتصر محور المقاومة في الصراع الدائر فإن الداخل اللبناني سيتأثر بتداعيات هذا الانتصار، وهو أمر طبيعي كما تقول الأوساط، ويكون هذا الانتصار بمثابة إشارة للجنة الخماسية وغيرها من أعداء المقاومة للانسحاب من الساحة اللبنانية، وترك القوى السياسية للعمل على تسوية خلافاتهم، كما تقطع السبيل أمام العدو الصهيوني المهزوم من اللعب على التناقضات والخلافات وبين اللبنانيين.