حبر على ورق

حبر على ورق 447

بقلم غسان عبد الله

غضب‏

لم يستطع أحدٌ أن يكلِّمَهُ من شدةِ غضبه، عندما كان يهمُّ بركوبِ الطائرة.. حمل معه شريطَ فيديو يحتوي بعضَ ما جرى في المخيَّم، وشكوى مدبَّجةً ذُيِّلَتْ باثنينِ وعشرينَ توقيعاً.‏. وفي الليلة التي سبقتْ نهارَ لقائه بالزعيمِ الكبير، جلَسَ في الغرفةِ الحمراء، على ضوءِ أنوارٍ خافتة، وإيقاعِ موسيقى، أمام فتاةٍ شقراءَ عاريةٍ تماماً إلا من خُبْثِها ومكرِها.‏. وقَبلْ أن يفعلَ شيئاً كسر شريط الفيديو بشراسة ومزق الشكوى شرّ تمزيق وألقى بهما من النافذة.‏

قسم

سال لعابُ صاحبِ المتجرِ الكبير، عندما مرت الفتاةُ الجميلةُ متمايلةً أمامه، أقسم إن هي أحبته أن يذبحَ عجلاً سميناً.. هامت به ولم يذبحْ عجلاً، تزوجته ولم يولِمْ ولو شاةً، أنجبتْ له ولداً شبيهَ القمرِ على حدِّ قول القابلة ولم يذبح دجاجةً.. ثلاثةُ طهاةٍ مهرةٍ اجتمعوا لطهو لحمِ الثورِ الكبيرِ الذي ذبَحَهُ حين طلقها.‏

ندم

في جلستها التأمُّليّة، فردّتْ شعرها الأشْيَب قهراً، استَجْمَعت خبايا نفسها، تذكّرتْهم واحداً تلوَ الآخر، فلان دفعَ لها مهراً كبيراً، آخَرُ وعَدَها بشقةٍ محترمة، وثالثٌ بعيشةٍ رغداء، ورابعٌ بأموالٍ وبنين.. وخامسٌ.. وسادسٌ.. وسابعٌ.. رفَضَتْهم جميعاً.‏. كانت دموعُها تغسلُ وسادَتها عندما تذكِّرَتِ الشخصَ الوحيدَ الذي قال لها: لا أريدُكِ.

محكمة دولية‏

وقفا أمام القاضي، تأمّلَهُما، نقّلَ نظراتِهِ بينهما، هزَّ رأسَهُ استنكاراً لما حدَثَ وما فعلَه قاهرٌ بخليلْ.. حدق بخبثٍ بجبهةِ خليلِ المتورمةِ وجَفْنِهِ المزرقةِ المنتفخة.. وأخيراً وبعد تأمُّلٍ طويلٍ، تململَ في جلسته، مدَّ يديه ككفتي ميزانٍ أمام ناظريهما تماماً وبدأ يؤرجحهما وبكلِّ هدوء وثقة قال:‏ لصالحِ مَنْ أُصْدِر الحكم؟.‏

انتظار

طال انتظارُها، منذُ زمنٍ بعيدٍ لم ترَ أحداً منهم، حدَّقَتْ بسمائها، وجَدَتْها ملبدةً، حَلُمَتْ بالندى والمطر.‏. نظرت بعيداً، شمالاً، جنوباً، شرقاً، انهمرتْ دموعُها بينما كانت شفتاها تتمتمان: العوض باللّه.‏