إقليميات

اليمن يؤازر العراق في مواجهة أمريكا!

بقلم: زينب عدنان زراقط

إلاَّ أنّه لم يتوقع أحد أن يجرؤ الحوثيون على مواجهة الولايات المتحدة بشكل مباشر، مما يشبه تحدّي المستحيل! فكانوا نِدّاً قوياً لها!، كما كل قوى المقاومة التي تعمل بإخلاص وتفانٍ وكلٌ من موقعه وقدراته على تأصيل حق الشعب الفلسطيني في مقاومته ضد الهجمة البربرية التي تقودها أمريكا وربيبتها الكيان الغاصب، ولكن ما يميّز الدور اليمني هو إيلامه للقوى الغربية الكبرى بمجموعها وخنقه للشرايين الاقتصادية التي يتنفس من خلالها هذا الكيان الذي في حقيقته هو قاعدة عسكرية متقدمة لتلك الدول ولمصالحها في المنطقة. وصولاً إلى أن يساند اليمن المقاومة العراقية بقوتها الشريفة ضد أمريكا وربيبتها إسرائيل لمُساندة فلسطين وما يجري في “غزّة” بحرب “طوفان الأقصى”، فكيف جرى سِيناريو المواجهة تدريجياً ما بين اليمن في وجه أمريكا منذ إعلان الحرب على قطاع “غزة”؟.

اليمن “يُذلّ” أمريكا!

في وقتٍ تُصرّ فيه أمريكا على استمرار العدوان والحصار على قطاع غزة وتستخدم الفيتو لمنع أي قرار من مجلس الأمن ينصّ على ذلك، وتصر بكل وقاحة وقلة حياء على تعزيز قواتها البحرية في المنطقة من أجل حماية وتأمين كيان العدو الصهيوني، أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية حرب طوفان الأقصى حاملة الطائرات أيزنهاور للبحر الأحمر تحت يافطة حماية السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية التي تمر عبر مضيق باب المندب، وكانت تظن أن هذه السفينة العملاقة بتجهيزاتها الفائقة التطور تمتلك القدرة على منع القوات المسلحة اليمنية من تنفيذ عملياتها ولكن ما شاهده طاقم هذه السفينة من أهوال جراء العمليات النوعية التي نفذتها القوات البحرية وسلاح الجو المسير والقوة الصاروخية؛ دفع السلطات الأمريكية من شدةِ غبائها لسحب أيزنهاور إلى البحر الأبيض المتوسط، واستقدام حاملة الطائرات روزفلت، اعتقاداً منهم بأنّ ما عجزت عن تحقيقه حاملة الطائرات أيزنهاور، سيكون مهمة سهلة لحاملة الطائرات روزفلت، على الرغم من أن تجهيزات الأولى وتسليحها لا يختلف تماماً عن تجهيزات وتسليح الثانية.

يُشكّل إعلان القوات المسلحة اليمنية المتكرر بالرد على حاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية والغربية الأخرى عامل ضغط متقدم تتميز به الساحة اليمنية الفاعلة، كما هو الحال في لبنان حيث تُوقِع المقاومة الإسلامية هناك الضربات المتلاحقة في جيش العدو وكذلك الانتصار الاستخباري للمقاومة والذي زوّدها بمئات الأهداف العسكرية الصهيونية ما أمّنَ لها بنك أهداف استراتيجي في حال أقدم الكيان الغاصب على أية مغامرة بحق لبنان وشعبه، حيث يعبّر الإعلام الصهيوني عن حالة الانهزام بين صفوف قوّات الجيش الإسرائيلي وأنّ أيّة محاولة لقيادة الكيان بإشعال حرب في لبنان هي أشبه ما تكون بمحاولة انتحار خصوصاً أن قادة الكيان لم يستوعبوا بعد الهزيمة النكراء التي لحقت بالكيان منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى، فكيف لهذا الجيش المنهزم أن يتصدى لمئات الآلاف من الصواريخ التي ستدك قواعده ومعسكراته ومطاراته العسكرية والمدنية ومصانعه؟! أمّا المؤكد، هو بأن لبنان ومقاومته سوف لن يُتركا لوحدهما في مواجهة أية مغامرة غربية صهيونية على الرغم من قدرة حزب الله على هزيمة الكيان ومن يقف خلفه.

بالعودة إلى دور العامل اليمني الرسمي والشعبي في عملية إسناد الشعب الفلسطيني فإن هذا الدور تعاظم بشكل لافت وخصوصاً تجاه بناء منظومة للردع في الممرات المائية الدولية والتي تستخدمها القوى الكبرى لتمرير مشاريعها في المنطقة. منظومة الردع اليمني الإستراتيجية تحققت بعد إدراك الدول الغربية لهشاشة أساطيلها المنسحبة أو التي تلك تتلقى الضربات اليمنية في حال أن هذه السفن الحربية تمارس الحماية للسفن المبحرة من وإلى الكيان الغاصب. هذا وقد أقرت أمريكا بفشلها في حماية سفن الكيان الصهيوني والمتجهة لموانئ فلسطين المحتلة من هجمات القوات المسلحة اليمنية في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب وخليج عدن والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، كما أفاد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن المرحلة الرابعة من التصعيد ضد السفن من اليمن، كانت الأكثر فتكاً، نتيجة توسيع قائمة الأهداف لتشمل جميع السفن لأي شركة ترسو سفنها في موانئ الكيان الصهيوني. هذا وكانت القوات المسلحة اليمنية قد كشفت عن صاروخ باليستي فرط صوتي من نوع (حاطم2) للمرة الأولى وبثت مشاهد إطلاقه على سفينة (MSC SARAH V) الإسرائيلية في البحر العربي.

اليمن يؤازر العراق

إنّ العامل اليمني الرسمي والشعبي المميز يبشّر بتراكم للقوة والتي تستخدم حصراً من منطلق المبادئ الشرعية لنصرة شعوب المنطقة لاسيما الشعب الفلسطيني دون التحسب لأيّ ردّة فعل غربية كون هذه القوى الاستخبارية قد تم شلّها تماماً في الممرات المائية الدولية. من جانب آخر وعلى الرغم من تجاهل الإعلام العراقي بمختلف توجهاته لعمليات المقاومة الإسلامية في العراق والتي يتكتم العدو الصهيوني على الخسائر التي تلحقها بها دقة مسيراتها في إصابة أهدافها في الكيان الغاصب، فإن اليمن أخذ على عاتقه إبراز الدور الفاعل لهذه المقاومة في إيلامها للكيان الغاصب. كذلك أعلنت القوات المسلحة اليمنية منذ بضعة أيام، عن تنفيذ عملية عسكرية مشتركة مع المقاومة الإسلامية العراقية استهدفت هدفاً حيوياً في حيفا بالأراضي الفلسطينية المحتلة.

يبرز موقف اليمن المبدئي على المستوى الرسمي والشعبي على أنه عامل مهم ومؤثر في تعاظم قوى المقاومة، حيث أن اليمن لا يخضع لأي عامل ابتزاز غربي أو تبعية من جهة المصالح مع الغرب كما هو الحال في معظم الدول العربية أو تلك التي تنادي وتلهث نحو الشراكة الأمريكية مع تجاهلها للدور الأمريكي في إمداد الكيان بمليارات الدولارات لقتل الشعب الفلسطيني، بل تُعتَبر مثل هذه الدعوات والأمنيات للشراكة مع الأمريكي هي تتويج لعملية تطبيع جارية مع الكيان الصهيوني تقوم بها أمريكا بالخفاء مع ما تبقى من دول المنطقة من البوابة الاقتصادية.

خِتاماً، لقد جاء تنسيق قوى المقاومة الإسلامية في العراق مع القوات المسلحة اليمنية والذي ينطلق من مبدأ وحدة الساحات، تأكيداً لاعتقاد راسخ لدى العراقيين الشرفاء بأنهم قد توسّموا في اليمن خيراً ونصراً لوجود قيادة حكيمة وشجاعة لا تستجيب للابتزاز الدولي، كما أن هذه القيادة تقود إلى إبراز هوية العراقيين المقاوِمة، حيث لا يزال الفرد العراقي المبدئي يبحث عن وجود مثل هذه المُثُل القيادية التي لا تضعف أمام المغانم أو تلك التي يسيل لعابها تجاه مكاسب السلطة أو التي تنساق مسلوبة الإرادة نحو مشاريع أمريكية مشبوهة في حين أن المرجوّ منها هو تسخير مقدرات السلطة لخدمة قضايا مبدئية كما هو حال القيادة اليمنية. يأتي دور المؤازرة اليمنية للمقاومة العراقية ليعلو صوتها وتمد لتضرب بيدها في وقتٍ جاءت فيه السفيرة الأمريكية الجديدة المُعيّنة في العراق لتتبجّح بحاجة أمريكا إلى الاستعداد لتوجيه ضربات عسكرية عند الضرورة ضد الفصائل العراقية المرتبطة بإيران وتأكيدها على دعم العراق سياسياً واقتصادياً ومساعدة العراق في التخلص من المليشيات والنفوذ الإيراني، – على حد تعبيرها -، ممّا لم يُضف بجديد على مستوى السياسة الأمريكية المنتهجة في هذا البلد، حيث أن الواقع السياسي العراقي يعاني من أمراض مزمنة يتحاشى السياسيون الإشارة فيها إلى مواضع الخلل على الرغم من تشخيصهم لها، فهل ستُشكّل “وحدة الساحات” لجبهات المقاومة ما بين اليمن والعراق -ومن يدري إن تمتد لباقي الجبهات – قوّة ردعٍ كافية ضدّ التهديدات الأمريكية الأخيرة في العراق وتنقذه من الهلاك والتفكك بين يديّ العدو الأمريكي الذي امتصّ نفطه وغازه ويجرّه نحو التطبيع؟!.