فضاءات فكرية

عاشوراء بين غزة وكربلاء


بقلم: الشيخ د. حسان عبد الله / رئيس الهيئة الإدارية لتجمع العلماء المسلمين

قد يسأل البعض ما علاقة غزة بكربلاء؟ ولماذا قلنا بين غزة وكربلاء؟ ما هي النقاط المشتركة بين هاتين الحادثتين؟

هناك من يحاول أن يجعل هذه الحادثة مختصة بالشيعة، ومختصة بظروف وأفكار نمطية اعتدنا عليها من دون أن نعطيها معناها الحقيقي الذي أراده لها الإمام الحسين عليه السلام. ولكي أقرِّب الفكرة أكثر لا بد من أن نستمع إلى الإمام نفسه، ماذا يقول عن ثورته؟ وكيف تعاطى مع الأحداث في ذلك الزمان؟.

يقول الإمام الحسين عليه السلام في إحدى النصوص المنسوبة إليه “ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، والى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه حقاً حقا، فاني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين الا برما(1) هنا نرى أن الإمام الحسين عليه السلام اعتبر أن الصراع الذي سيخوضه ليس مجرد صراع على السلطة وليس مطالبة بأحقية له في خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مع أن كل هذا من المسَّلمات ولكن أراد أن يُعطي للأمر المغزى الحقيقي والمعنى الحقيقي، فالمهم لأي دولة كي تكون دولة مقبولة أن تكون دولة حق أن تكون دولة عدل. وإذا كانت الدولة دولة باطل ودولة ظلم فلا يجوز أن نسكت عنها وتتحول الحياة معها إلى “برما” يعني أقصى حالات التعاسة، بحيث الإنسان يفضل في تلك الحالة أن يموت أو أن يستشهد في سبيل إحقاق الحق وإعلاء كلمة الحق على أن يعيش عيشة الذل. ألا وإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما. إذاً الإمام الحسين عليه السلام أراد من هذه الثورة أن يجعلها أمراً يختصر المكان والزمان والفكرة، بحيث يتحول كل مكان كربلاء وكل زمان عاشوراء، وفي كل صراع بين الحق والباطل هناك حسين وهناك يزيد، هذا ما أراده الإمام الحسين عليه السلام.

فلنرجع وإياكم إلى العاشر من المحرم، حيثُ وقف الإمام الحسين عليه السلام وحيداً وكل أهل بيته مستشهدون، وكل أصحابه مستشهدون لا يوجد أحد سواه. لماذا بدأ يقول؟ “آلا من ناصر ينصرني، آلا من ذابٍ يذب عني” فهو مع من يتكلم؟ مع أصحابه وأهل بيته المستشهدين؟ أم مع أولئك القوم الذين أبلغ بوعظهم ولم يتعظوا، إنه لم يكن يتحدث لا مع هؤلاء ولا مع أولئك، وإنما كان يتحدث مع كل الأمم التي ستأتي إلى يوم القيامة، أنه في كل زمان وفي كل مكان يكون هناك صراع بين الحق والباطل، فهناك حسين وهناك يزيد، ولذلك ليس عبثاً عندما نخوض الصراع في المقاومة الإسلامية، عندما يصرخ المجاهدون لبيك يا حسين هم لا يلبون الحسين الآن، هم يلبون آلا من ناصر ينصرني. يعني يا حسين نحن في كربلاء الجنوب نلبي نداءك يوم العاشر من المحرم. نحن في كربلاء غزة نلبي نداءك يوم العاشر من المحرم. تقولون غزة كربلاء؟ نعم غزة كربلاء. الفكرة زادت عن الأمر الذي حضَّرته عندما سمعت المقدم الذي قال “سلام على النازحين” “سلام على الرؤوس المقطعة” هو يتكلم عن عاشوراء، الآن نحن أليس عندنا نازحون؟ أليس عندنا رؤوس مقطعة؟ أليس عندنا أجساد قطعت؟ هناك شباب مفقودو الأثر ما خرج منهم نثرة. أليست هذه كربلاء جديدة؟ اسمعوا يحيى السنوار، يحيى السنوار بعثوا له أن الإسرائيلي يضيق كثيراً علينا بالشروط، ونحن كل الهم الذي نحمله همكم. فإذا أنتم ترون إن كان يوجد مجال أن نتنازل قليلاً، نحن لدينا استعداد أن نمرر بعض الأمور، نقبل مثلاً بوقف إطلاق النار لكن ليس دائم وشامل ومستمر. وهذا ما يريده نتنياهو. ماذا رد عليهم السنوار؟ “إن لم يكن نصراً واضحاً فلتكن كربلاء الجديدة”. هذا نداء الإمام الحسين عليه السلام، الإمام الحسين(ع)، إمام حق، ليس للشيعة ولا للسنة ولا للمسلمين، هو للإنسانية عامة لكل الإنسانية، ومن أراد أن يقزم الإمام الحسين عليه السلام وهو العظيم والعملاق الكبير بطائفة أو مذهب فهو لا يعرف الإمام الحسين عليه السلام حق المعرفة، لا يعرفه بالمطلق.

الإمام الخامنئي يقول في بدايات حرب غزة، “المسألة ليست مسألة غزة وإسرائيل المسألة هي ساحة صراع بين الحق والباطل“. ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه؟ أترون المعاني كيف تتداعى نفس المعاني؟ يجب أن نكون يا إخوان، أنتم شيعة علي بن أبي طالب(ع)، أتباع الإمام الحسين(ع)، أمل المستضعفين في العالم، أنتم من ستغيرون العالم. وإذا قصرتم بهذه النقطة فليس لكم علاقة بالحسين، إذا نزلتم عن هذا المستوى ليس لكم علاقة بالحسين، اليوم ما الذي يحرك العالم؟. العالم يتحرك كما رأيتم في المسيرات بأوروبا، والمسيرات بأمريكا وبأستراليا، رأيتم المسيرات بكل العالم طبعاً إلا دول الخليج، هؤلاء لا أعرف كيف أن الله عز وجل سيفتح على قلوبهم وعقولهم ليروا، لا أعرف كم نريد نزف دم. فالإمام الحسين (ع) تعامل مع هكذا فئة. هو لماذا جاء وثار هذه الثورة؟ طبعاً لأنه وجد أمة نائمة، أمة مستسلمة وأمة منهارة، ويأتي أحد الصحابة الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول “الأكل عند معاوية أدسم، والصلاة وراء علي أتم، والصعود إلى الجبل في الحرب أسلم” هؤلاء هم ذاتهم. لذا فالإمام الحسين عليه السلام أراد شهادة تهز كيان الأمة، تهز ضمير الأمة. فقرر أن يستشهد هو وأهل بيته. وكما وصف الشاعر:

إن لم يستقم دين جدي          إلا بقتلي فيا سيوف خذيني(2)

 قرر أن يقدم نفسه وأهل بيته ربما الأمة تستيقظ وتتحرك، فوضع الأمة كان كما وصفها الفرزدق للإمام الحسين(ع)، “قلوبهم معك وسيوفهم عليك”(3).

الآن هؤلاء الموجودون بالخليج ولم يتحركوا، هؤلاء الذين تمر من الأردن قافلات المساعدات للكيان الصهيوني عبر بلدهم ولم يتحركوا، هؤلاء ألا يعرفون أن الحق مع أهل غزة؟!! ألا يتعاطفون مع الدماء والناس التي تستشهد بغزة، ولكن قلوبهم مع أهل غزة وسيوفهم عليها.

اليوم لا حياد في الصراع بين الكيان الصهيوني ومحور المقاومة. إما أنك مع محور المقاومة وإما أنك مع الكيان الصهيوني، لا يوجد حياد. والمعية هنا أنك تكون معهم، يعني أن تكون معهم بكل المواقف، تنزل إلى الساحات تقاتل، لماذا هذا المتضامن لا أعلم لربما لا يكون له دين بأوروبا يتحرك وانت الذي في الأردن أو في السعودية، وفي البحرين ما خلا شيعة البحرين، الحمد لله يؤدون واجبهم، لا تتحركون! لماذا أنتم نيام؟ لماذا تعيشون هذا الجو التقاعسي؟ لأنه لا توجد إرادة، ولا يوجد إيمان حقيقي.

الإمام الحسين عليه السلام يقول: “من رأى سلطاناً جائراً مستحيلاً لحرم الله ناكثاً لعهده مخالفاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله(4).

السؤال هل الله ظالم؟! كلا طلعاً، فالله أعدل العادلين، لماذا محا كل قوم صالح؟ كلهم؟ أنزل عليهم العذاب من عنده وأبادهم كلهم. الإمام علي عليه السلام يقول: “إنما عاقر ناقة صالح واحد، ولكن الله عمهم بالعذاب لما عَمّوه بالرضا(5)، الراضي بفعل القوم كان معهم.

إذا لم تتحرك مشاعرك لهذه الرؤوس المقطعة وهذه الناس التي تستباح مرة ينقلونهم من الشمال إلى الجنوب ومرة من الجنوب إلى الشمال، إذا لم تتحرك عندك العصبية الأخلاقية والدينية الحمية الإسلامية فلست من أتباع الإمام الحسين عليه السلام، كان يستطيع الإمام الحسين عليه السلام أن يقف ويقول أنا لا علاقة لي بالأمر، كما قال له أخوه محمد بن الحنفية، أن يذهب إلى اليمن، أو يبحث عن جبل من الجبال ويعيش فيها، كان سيرضى يزيد يرضى طالما ليس هناك صراع على السلطة. ولكن الحسين(ع) لم يرضَ لأن عليه واجب التغيير.

ونحن اليوم إذا لم نغير الواقع الذي نعيش فيه فإن الله سوف يدخلنا مدخل الظالمين، سيعاقبنا عقاباً شديداً، حتى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، طبعا نفس الشيء، كلما خرجوا إلى القتال رسول الله صل الله عليه وآله سلم ومن معه بعض الناس يتذرعون بالأعذار كي لا يخرجوا مع رسول الله (ص)، الله عز وجل أنزل فيهم بالقرآن يقول: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ(6) 

يجب علينا أن نفهم مسألة مهمة جداً، اليوم نحن نخوض صراعاً تاريخياً، صراعاً يتحدد فيه مصير العالم في المستقبل، انتبهوا نحن في النهايات، الصراع لذلك صراع ضخم وكبير، لا تعدّوا شهداء إذا قلنا إننا نحن أتباع الإمام الحسين عليه السلام، كل من كان مع الإمام الحسين عليه السلام استُشهِد فلا تعدّوا شهداء بل عدِّدوا الإنجازات، نحن اليوم نعمل إنجازات، هذه الإنجازات تتوظف في عملية الصراع مع العدو الصهيوني وتتراكم من أجل المعركة الفاصلة التي باتت قريبة وقريبة جداً. هذا الكيان أمامه على الأكثر 5 سنوات، هم يقولون ثمانون سنة وينتهي، هم في رواياتهم يقولون ثمانون سنة وننتهي، من سينهي هذا الكيان؟ محور المقاومة، شيعة علي بن أبي طالب الله عليه السلام.

 انتظروا لحظة يأتي فيها أمر الله، عبر ولي الله بأن نعبر إلى شمال فلسطين، وسيكون النصر. وليس بعيداً أبداً، لا تفكروا أنه بعيد، ولا تعتبروا أن المئتين وثلاثمئة شهيد الذين استشهدوا هؤلاء ثمناً باهظاً ففي سبيل تحرير فلسطين، وفي سبيل إعلاء كلمة الله، وفي سبيل إعلاء محور المقاومة، وفي سبيل إعلاء راية لا إله إلا الله محمد رسول الله على كل جنبات الأرض هذا ثمنٌ بخس مع كثير مما يوقع في قلوبنا شهادتهم هم أبطال عظام لهم الفضل علينا إلى يوم القيامة، فلا تفكروا أبداً أن هذا أمر ممكن أن يثنينا عن الاستمرار في المعركة. المعركة مستمرة، تأخذ أنماطاً مختلفة، القرار بيد ولي الأمر هو الذي يأخذ القرار عند اللحظة المناسبة. الآن المطلوب المشاغلة، نشتغل فيها، ربما بالمستقبل المطلوب اتخاذ قرار بالقفزة، عندها نأخذ قرار بالقفزة فوق السياج، لكن هذا له وقته وتقدّره القيادة وليس نحن، نعم نحن نتمناه اليوم قبل غداً، ولكن هذا أمر بيد القيادة، فهي تعرف الظروف السياسية المناسبة.

انا أحببت أن أدخل من هذا الموضوع لشيء له علاقة بغزة، إننا كجزء من الأمة نرى أن الأمل بات قريباً وقريباً جداً في أننا سنصلي في القدس بعد تحرير كامل لفلسطين. التحرير الذي ابتدأ بالعملية الرائعة بطوفان الأقصى، ونقول لقطعان المستوطنين وللصهاينة المحتلين فروا أنتم وعوائلكم من حيث أتيتم لأن المصير الذي ستلقونه إن استمريتم بالاحتلال سيكون القتل، وهذه هي الفرصة الأخيرة لكم، إن الله عز وجل دعانا إلى نصرة المظلوم، وأي ظلم أكبر من الذي وقع على الشعب الفلسطيني عندما أُخْرِج من دياره بغير حق؟ فيقول الله عز وجل: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ(7)،  فهذا الأمر إلهي، هم أخرجونا من فلسطين نحن تكليفنا أن نخرجهم من حيث أخرجونا، هذا أمر الله، والفتنة أشد من القتل، كلام إلهي هذا، ما هو الربط بين وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة؟ أنتم تلاحظون أن أكثر شيء يُشتغل عليه في موضوع ضرب محور المقاومة هو الفتنة؟! الآن أكثر شيء يُشغل عليه في إضعاف محور المقاومة الفتنة وخاصة الفتنة بين السنة والشيعة.

هذا كلام الله عز وجل وليس كلامي، ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾ كيف تكونوا وقوداً للفتنة، العصبية تجعل الإنسان يضيع، يقول لك أنا سأنصر علي بن أبي طالب بسب فلان أو فلان، أبداً ليس كذلك، أوَ ليس الإمام علي عليه السلام، مرّ يوم صفين على خيمة يلعنوا فيها معاوية، فقال لهم “إِنِّي أَكْرَهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا سَبَّابِينَ وَلَكِنَّكُمْ لَوْ وَصَفْتُمْ أَعْمَالَهُمْ وَذَكَرْتُمْ حَالَهُمْ كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ(8)، هذا نهج أئمة أهل البيت عليهم السلام.

إذاً الإسلام حث على أن يحافظ على المجتمع ويُحمى من الاعتداء الخارجي ووضع معادلة إنسانية فطرية هي الحق في الدفاع عن النفس، ونهى عن أن يعتدي المسلم على الأخرين فأمرنا أن نقاتل من يقاتلنا من باب وجوب الدفاع عن النفس ودرء الخطر عن المجتمع الإسلامي، ونهى عن الاعتداء لأن الله لا يحب المعتدين، ومن المعروف أن العدو الصهيوني هو من اعتدى علينا واحتل أرضنا، وبالتالي فإن قتاله واجب شرعي وقيمة إنسانية لا لبس فيها. وفي الآية طلب منا الله عز وجل أن نُخرج العدو من الأرض التي احتلها وأخرجنا منها، وبالتالي فإن إخراج العدو الصهيوني من فلسطين هو واجب شرعي وقيمة إنسانية لا خلاف فيها، ومن المؤسف أن البعض اليوم وتحت عناوين مختلفة يحاولوا أن يعطوها طابعاً إنسانياً يطلب منا أن نوافق على وجود الكيان الصهيوني تحت عنوان الجنوح إلى السلم. ﴿وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا(9) كلا، هنا الأمر مختلف، يقولون إن ترك الحرب آثار تدميرية على البشر، حرام أني موت الناس وكذا، فلنتصالح، كي نعيش في وئام بمحبة. لكنهم يتغافلون عن القيم الأساسية التي هي العزة والكرامة، ولكنهم في واقع الأمر إنما يطلبون ذلك منا إما لخوفهم وجبنهم وإما الخوف من المواجهة وكرههم للقتال، أو لعمالتهم للولايات المتحدة الأمريكية وانسياقهم وراء إرادتها المفروضة عليهم، وهذا الأمر وصفه الله عز وجل لنا بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(10) اليوم من يدعم نتنياهو ؟!! بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم. لا تستطيعون أبداً أن تخلقوا أنماطاً جديدة وأفكارا جديدة تبرر لكم العمالة للعدو الصهيوني أو العمالة للولايات المتحدة.

الحمد لله الآن أحسن، بالبداية كان يطلع حتى منهم بعض الأحيان مشايخ يطلبون من أمريكا أن تكون حَكَماً عادلاً! أمريكا حكم؟ فضلاً عن أن تكون عادلة، أمريكا تكون حكماً عادلاً في الصراع بين العرب وبين العدو؟ كشف هذا الحَكَمَ عن أنيابه بمجرد حدوث 7 أكتوبر، أول ما فعله بايدن انتقل مع أنه لا يقدر على المشي وذهب إلى فلسطين المحتلة ليدعم الكيان الصهيوني، بعضهم أولياء بعض.

وها هم أكثر حكام العالم العربي كما وصفهم الله عز وجل في هذه الأيام يتخذون من اليهود والنصارى والكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية أولياء ويسارعون فيهم، وحجتهم في ذلك أنهم يخشون أن تصيبهم دائرة، بل إنهم يوفرون لهم وصول المساعدات الغذائية عبر أراضيهم مع عدم السعي لفك الحصار المستمر منذ عشرة أشهر على غزة، الشاحنات التي كانت تمر من الأردن منها تأتي عبر الإمارات والسعودية وبعضها عبر تركيا هذا الذي يعتبر نفسه خليفة للمسلمين كلهم يمرون من الأردن، يا شعب الأردن تحرك قم بعملٍ ما.

 إن المجتمع الإسلامي مجتمع متكامل، مجتمع التكامل والتكافل والتعاون، وهذه كلها قيم إنسانية حث عليها الشارع الكريم، وقد ورد عن رسول الله (ص) أنه قال: “المسلم للمسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى(11). وأي مرض أسوأ من الاحتلال الصهيوني الذي وصفه الإمام الخميني قدس سره بأنه غدة سرطانية، وصف دقيق يعني هذه الغدة إذا لم تقتلعها ستنتشر وتقضي على الجسد، لا حل مع هذه الغدة لا بعلاج كيميائي ولا أي شيء سوى اقتلاع هذه الغدة السرطانية. ومعروف أن السرطان هو من أخطر الأمراض التي تصيب جسم الإنسان، وإن لم يبادر إلى القضاء عليها فإنه سينتشر في الجسد ويقضي عليه. وقيمة إنسانية أخرى دعا إليها الإسلام وهي نصرة المظلوم، وقد ورد في الحديث قال رسول الله (ص): “من أصبح وأمسى ولا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم”. “ومن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم”(12). بالله عليكم كم مرة باليوم تسمعون أطفال فلسطين ينادون يا للمسلمين؟ أليست هذه حجة علينا أنتم يا ملوك ويا حكام العالم الإسلامي ألا تشعرون؟.

تسمعون بالتاريخ عن تلك التي نادت وا معتصماه. جرّت جيش وذهب ليقاتل من أجلها، لا أعلم أنه ذهب من أجلها أو من أجل توسيع سلطته ليست مشكلة، المهم لبّاها.

اليوم نحن نتحدث عن مئات آلاف من المواطنين الفلسطينيين ينادون يا للمسلمين؟ لا أحد يلبيهم سوى المجاهدين من الشعب اللبناني، واليمن والعراق ومجاهدي فلسطين، وبقية الأمة تذهب إلى حفلات الترفيه عند محمد بن سلمان، هذه أمة؟! لذلك هذه قيمة إنسانية عظيمة، ألم تسمعوا القائد محمد الضيف في بداية ملحمة طوفان الأقصى يطالب الأمة الإسلامية بالنصرة؟ فهل نكون من المسلمين؟ فنجيب أم نخاف أن تصيبنا دائرة فنكون من النادمين. هذا قرار عندنا، فلسطين تستصرخنا وعلينا التلبية والنصرة بكل ما أوتينا.

 بقي موضوع صغير سأنهي فيه، ما هو المتوقع بعد الانتصار؟ بل أكثر من هذا، نحن انتصرنا يوم السابع من تشرين الأول، دمرنا عنفوان الكيان الصهيوني. هذا الكيان الصهيوني لن يستطيع أن يرمم لا جيشه ولا قوته ولا شيء لقد انهار، الآن يعطوه مساعدات، فيتامينات ويبعثون له أسلحة. لكن كل هذا لا ينفع. لا توجد رجال تحمل السلاح لا يوجد لديهم معنويات، الحريديم يهددون أنه إذا كنتم تريدون تجنيدنا سنسافر ونهاجر؟ المعلومات الأكيدة عن إعلام الكيان الصهيوني يوجد خمسمائة ألف هاجروا، وهناك مليون بحسب المعلومات آخرون سيهاجرون، يعني بدأوا يهربون، ما هو المتوقع بعد الانتصار وتحقق الهزيمة للكيان الصهيوني؟ أيها الأخوة تعرفون أننا في تجمع العلماء المسلمين نمتلك خبرة عالية في فهم مخططات العدو خاصة فيما يتعلق في الفتنة، ونحن نعتقد أن العدو الصهيوني كما لجأ إلى الفتنة فقام باغتيال الرئيس رفيق الحريري بعد انتصار 2000 لكي يضيع الانتصار ويدخلنا في الفتنة وكما لجأ بعد انتصار العام 2006 إلى اختراع داعش صنيعة الاستكبار العالمي والمخابرات الصهيونية سيلجأ إلى الفتنة بعد هزيمته في عملية طوفان الأقصى.

وهذا ليس نظريات، أنتم سمعتم هذا الداعية الإسلامي الذي نسميه الداهية الإسلامي الذي يقول لأبو عبيدة: “يا أبو عبيدة قاتل بالسنن، جاهد بالسنن، وأما فلسطين وقصة فلسطين فاتركها لولاة الأمر“. مصيبة أن تضع فلسطين أمانة عند محمد سلمان، ضاعت الأمانة.

أنا لا أتحدث عن واقع سيحصل وإنما أتحدث عن أمور حصلت وتحصل، ولاة الأمر! أي ولاة أمر هؤلاء؟ إنهم قد باعوا القضية وطبعوا مع العدو الصهيوني، وهذه الفتنة أيضاً نراها في تفجير كرمان، ذهب مئات من الشهداء في إيران على أساس أن السنة قتلوا الشيعة ويا لثارات الشيعة. الحمد لله نحن لدينا قيادة واعية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية اعتبرت أن هذا صنيعة صهيونية أمريكية. وهذا يجب أن ننتبه إليه في تفجير كرمان كان الهدف قيام العدو التكفيري بمؤازرة من العدو الصهيوني من أجل خلق فتنة بين أطراف الأمة سواء، أجل خلق فتنة بين أطراف الأمة سواء بين السنة والشيعة أو بين الفرس والعرب. وخسئوا لن يحصلوا على هذه النتيجة.

وأيضاً ما شهدناه في مطار بيروت واللوحات الإلكترونية في مطار بيروت، ودخلوا عبر شبكة الإنترنت وبدأوا بالتحريض على السيد حسن نصر الله، كل هذا إنما هو من أجل فتنة مذهبية لوضع عبارات توحي بأنها صادرة عن مجموعة مسيحية لإيقاع فتنة مسيحية إسلامية في لبنان، ولكننا أوعى من أن ننجر إلى هكذا أمور.

المطلوب هو الوحدة في مواجهة العدو الصهيوني، ولن تنتصر هذه الأمة إلا بالوحدة، ومن خلال الوحدة نؤدي دورنا في عملية الجهاد استناداً إلى عاشوراء، استناداً إلى ما وجهنا إليه الإمام الحسين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *