العدو الصهيوني: انتظار الرّد أشدّ فتكاً من الرد! محور المقاومة ينتصر نفسيّاً بالضربة القاضية
بقلم زينب عدنان زراقط
الرّد محسومٌ أمره، والقصاصُ شديد المرارةِ؛ العدو في حالة استنزاف، خوفٌ وترقُّبٌ وحالةٌ من القلق يعيشها هذا العدو.. لأنه يُدركُ تماماً قدرة المحور على عقابه بشكلٍ قد يعيدُهُ إلى العصر الحجري..
ثمةَ إجماعٌ بين فُرقاء محور المقاومة بالرّد القويّ “والمكلف جداً للعدو” الذي لا مفرغ منه، في إطارٍ فردي أو ردٍّ جامع لكامل المحور، وما انتظارُ الرّد سوى ضربة نفسيّة قاضية بحدّ ذاتها، فالتأخّر به هو مسألة تكتيكية بحتة وبهدف أن يكون الرد مؤثراً على العدو في مقابل استعداداته.
فما هو الموقف الأمريكي في دعم الإسرائيلي في ظل تهديدات محور المقاومة، وكيف تستغلّ المقاومة الوقت ليكون جزءاً من الرّد المُدمّر نفسياً للعدو؟ ما هي أولى انتصارات البيت الفلسطيني بعد ارتقاء الشهيد “هنية” على طريق القُدس؟.
وساطة أمريكية للكفّ عن إسرائيل
يعترف العدو الإسرائيلي بحتمية الرّد وأنْ لا تراجع عنه ويقابله باستعدادات يُشرف عليها الأمريكي وتعاون غربي بمُشاركة بعض الأنظمة العربية، فيما يتخلّل ذلك مساعٍ أمريكية وأوروبية حثيثة ومن بعض الأنظمة العربية لاحتواء الرد، بحيث لم تتوقف الاتصالات والرسائل والوسطاء لمحاولة إقناع الجمهورية الإسلامية تحديداً بأن يكون ردها متواضعاً وبسيطاً وغير فاعل ومؤثر. إلاّ أنه لا يوجد ما يمكن أن يمنع قرار الرّد للجمهورية الإسلامية من ترهيب أو ضغوط لأن المسألة تمس بشرف الجمهورية الإسلامية بقتل ضيفها في عاصمتها ومسار الإسناد مستمر من إيران وجنوب لبنان؛ اليمن والعراق، ومسألة الرّد حتمية لا شك فيها.
لا يوجد أي روافع ضغط أمريكية كافية على نتنياهو وما التسريبات التي يصدرها البيت الأبيض حول توتر العلاقة مع نتنياهو إلا تنفيس وتبرير ورسم صورة مخادعة للتغطية على الدعم المطلق الذي تقدمه الإدارة الأمريكية في المجالات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية. الظرف الذي تمر فيه الولايات المتحدة في الاستحقاق الانتخابي يجعل العلاقة مع كيان العدو من الأولويات لأهمية الصوت اليهودي وتوظيف قدراته المالية في الدعاية الانتخابية. ويندرج في ذلك إرسال حاملات الطائرات ومظاهرات حشد القوة التي تقوم بها الإدارة الأمريكية.
إيران تمارس أقصى درجات الضغط على العدو وحلفائه الأمريكان والعرب للدفع باتجاه بلورة إطار سياسي لصفقة توقف الحرب على غزة ولبنان، عبر التلويح بالرّد على عملية الاغتيال؛ من ناحية تستنزف العدو وترفع من تكلفة الاغتيال وتتعمق في التخطيط لتنفيذ الرّد، ومن ناحية أخرى محاولة إنهاء المواجهة ويد المقاومة في غزة والشمال هي العليا في ظل عدم تحقيق العدو أهدافه المتمثلة باستعادة الأسرى، والقضاء على المقاومة، وإعادة فاعلية الردع، وعودة النازحين في الجنوب والشمال.
تمكّن حزب الله من قراءة العدو وتوجهاته والوصول لنتيجة أنه غير قادر على مواجهة شاملة في ظل المعطيات الحالية، بالتالي يريد أن يردع العدو من خلال رد مناسب يحقق المطلوب دون الوصول إلى حد إجبار العدو على حرب لا يريدها، لكن لم يغب عن ذهنه المخرج لهذه المواجهة والذي يتوافق مع توجهات المنطقة في الوقت الحاضر وهو الضغط للوصول لصفقة توقف حرب الإبادة في الجنوب وتحمي المقاومة.
فيما تصاعدت نسبة القلق من رد المقاومة الإسلامية على اغتيال القائد الجهادي الكبير السيد فؤاد شكر بعد خطاب سماحة الأمين العام لحزب الله، حيث أكّدت الأوساط الصهيونية أن انتظار الرّد هو أشدّ فتكاً من الرد نفسه معتبرة أن مواقف الأمين العام الأخيرة دلّت على معرفته الدقيقة بتفاصيل الداخل الصهيوني. فيما اعتبر قادة في جيش العدو الإسرائيلي أن “- السيد – نصر الله يعرف كيف يستخدم مبدأ الحرب النفسية لصالحه، حزب الله بطل في توثيق أعماله ويعرف كيف يعرض الهجمات بطريقة تنتج وعياً بالخوف والردع”.
أمّا عن دور الوسطاء من الدول العربية، فقد تراجعت بعد تنفيذها عملية الاغتيال في طهران لرئيس حركة حماس، ما جعلهم في موقف لا يحسدون عليه، حيث لا يملك الوسطاء الأدوات الضاغطة على نتنياهو، وتراجعوا عن إقرارهم بتأمين ظهر الحماية لإسرائيل لما يخضعهم في إطار تهديد المقاومة بمشاركتهم إسرائيل.
نصرٌ فلسطيني بـ “السنوار”
إلى فلسطين، فقد شكّل انتخاب القائد يحيى السنوار خلفاً للشهيد هنية، صدمة مُرعبه للإسرائيلي، الذي ندمَ فيها على السّاعة التي قرّر فيها قتل الشهيد “إسماعيل هنية”، ليدركوا بعده أن “سنوار الأسطورة” و”أكبر كوابيس الصهاينة” أصبح القائد الخلف للشهيد، وهو “من تحت الأرض وفي الأنفاق”!!! وفي إجماعٍ واصطفاف موحّد للبيت الفلسطيني بكلّ فصائله المقاومة، رفعوا قبضة الولاء والجهاد في ظلّ قيادة “السنوار”، ليكون المرجع والدليل في خطواتهم ليخوضوا المرحلة الآنية، مُستبشرين بنهاية إسرائيل في عهد خلافته!. وممّا تناقلتهُ وسائل وممّا تناقلتهُ وسائل إعلام العدو، قولها إن “خامنئي ونصر الله والسنوار انتصروا علينا انتصاراً نفسياً بالضربة القاضية”.
في الختام، الدبلوماسية الأمريكية نشطةٌ مع كافة الأطراف في محاولة لمنع انزلاق المنطقة لمواجهة كبرى لا يمكن التنبؤ بنتائجها، وأمريكا تعتقد أن مفتاح الحل يكمن في التوصل لصفقة تبادل من شأنها تهدئة كافة الأطراف، لهذا لم تتوقف الاتصالات مع إيران واليمن ولبنان، وفي الوقت نفسه، يتم ممارسة الضغط على نتنياهو للبدء بتنفيذ الصفقة، وبناء عليه يسود تفاؤل حذر حول إمكانية الوصول لاتفاق في الايام القادمة. ولكن السؤال الجدليّ الذي يطرح نفسه ها هُنا، عمّا إن كان إتمام الصفقة في الوقت الراهن من قبل الإسرائيلي يعوّل عليه في تخفيف وطأة رد محور المقاومة أو منعه، – وذلك ما لا يُعوّل عليه بمبدأ المقاومة ودافعها – فهل تتضح لدى العدو بعد تلقينه القصاص بأن جميع تصريحاته غوغاء وتضليل وما استراتيجيته سوى العمل على إيصال الأوضاع في غزة لحالة اللاحرب واللاسلم والتي يمكن أن تستمر حتى 22 كانون الثاني/يناير 2025، يوم تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد والذي يتمنى نتنياهو أن يكون ترامب متوقعاً أن يكرر حالة الاندفاع نحو إعطائه كل ما يريد على جميع المستويات والجبهات؟!!. وماذا عن خطة القائد الجديد “السنوار” وما هي الشروط والحيثيات التي سيمضي بها في المرحلة التالية من معركة الصمود والانتصار، – حرب طوفان الأقصى -؟.