النّاسُ صِنْوُ مُلوكِهِمْ.. ومُلُوكُنا رَقيقٌ آبقونْ
بقلم غسان عبد الله
سُبْحَانَ مَنْ أَسْرَى بأَيّامي على وَجَعِ الفؤادِ وما سَريتُ،
سُبحانَهُ سَوَّى مِنَ الأضدادِ إنساني وما شاءَ استويتُ..
سبحانَ ربّ الكائنات يعجنُ مِن فَتِيتِ المِسْكِ ذَرَّاتي..
فأيَّ الخَلْقِ كنتُ؟!
نورٌ وديجورٌ تماهَى خلفَ أضلاعِ البراري ثُمَّ أُبْتُ..
ولداً على نارِ الحِياضِ يلوبُ مكسورَ اليقينْ..
آنَسْتُ في الوادي صلاةَ الماءِ في الصّخرِ المقدّسِ،
فاقتربتُ.. فازْوَرَّ مِن وَقْعي، وأَجْفَلَ طائرٌ، نفرتْ غَزالةْ..
غاضتْ مع الوادي المقدس، وغاضَ رُوحي، فابتعدتُ..
أيُّ الحِياضِ سَيَقْبَلُ الظمآنَ، يا وَلَهيْ، وأيَّ العشقِ كنتُ؟
هَلْ ضاعَ في الصّدرِ الطّريقُ، وما وصلتُ ولا هجرتُ؟
سُبحانَ ربّ العشقِ، هل تَمضي بِيَ الحُمَّى إلى دَنَفِي..
وهل ضاعَ الرَّشادْ؟؟
ما زالَ في الأيَّامِ مُتَّسعٌ،
وما زالَ الفؤادْ يَهْفُو إلى الأحبابِ مأخوذاً بأوهامِ المعادْ؟؟!
مَوْلايَ، يا مولايَ، زاداً.. إنَّ هذا الفَجَّ مُنْقَطِعٌ،
وإنَّ الطّينَ أَعْمى.. طفلٌ تراودُهُ المباهجُ ثُمَّ تدفعهُ القراءة..
فيغيبُ في الساحاتِ صُعلوكاً، ويوقظهُ الحُداءْ..
قلتُ: السَّلامُ عليكُمُ أهلَ الهَوى..!! لَمْ يَقْبَلوني..
أَسْرَيْتُ نحوَ ديارِكمْ دَهْرِي، وما رَقَأَتْ عُيوني..
جُزْتُ المفاوزَ، لا دليلَ يرودُ أحلامي، ولم يُخطئْ يَقيني..
لَمْ يَعْرِفُوني!!.. قَدْ كنتُ فيكمْ سَيّدَ العُشّاقِ في أَبَد الزمانْ..
النَّخْلُ يعرفُني، وسِحْرُ البَيْلسانْ..
والنَّحْلُ يعرفُني، وهذا الشَّهدُ من زَهْرِي، ومن دمع عيني هذا الإنسان..
أيَّ البيارقِ سوفَ أَرْفَعُ؟!!
لا البياضُ هو البياضُ ولا السّوادْ..
لم يبقَ من أَلْقِ الحضاراتِ العظيمةِ غيرُ حرفٍ قد كَبَتْ فيهِ النّقاطْ..
سُبْحَانَ مَنْ أَرْسَى على صدرِ البلادِ عروشَ ملائكة الرمادْ..
النّاسُ صِنْوُ مُلوكِهِمْ، ومُلُوكُنا غَجَرٌ، مَماليكٌ، رَقيقٌ آبقونْ..
سبحانَكَ اللَّهُمَّ ربَّ الطّيبينَ الهالكينْ..
لا عِلْمَ إلاّ ما تُعلّمنا فأنَّى أنْ نكونَ العارفينْ..
أَوْ كيفَ نعلمُ أنَّ مَمْلوكاً سَيَمْرُقُ مِنْ ظلامِ الرِّقِّ ملَكاً؟!!..
ثم يقدِّسه الأنامْ؟!
أَمْ كيفَ نعلمُ أنَّ مفتوناً سيفتحُ بابَ روضتِنا لأسرابِ الحمامْ..
أَمْ كيفَ نعلمُ أنَّ نمّاماً سَيغدو سيِّدَ الوقتِ المدجّجِ بالسّلامْ.