ثم ماذا عن الحياة؟!..
بقلم غسان عبد الله
دروبٌ ومرافئُ.. ما الذي زلزلَ الروحَ وهي تطيرُ إلى آخرِ الأفْقِ فوقَ الحريقْ؟..
فلنكُنْ كوكباً ولنعبّئْ مواعيدَنا – مثلَ خابيةِ الوقتِ – بالنّورِ في كلِّ يومٍ
ونصمدْ معاً يا صديقْ..
إنه القلبُ يلهبُ جمرَ توقّدهِ وهو يقفلُ بابَ الظلامِ ويفتحُ بابَ البُروقْ..
فلنبدّدْ غبارَ المفازةِ علَّ الطيورَ التي هُجِّرتْ ستعودُ مع الموجةِ القادمةْ..
ولنكنْ مستعدينَ للأغنياتْ..
كلُّ ليلٍ لهُ قمرٌ يتوهّجُ فوقَ غريقْ…
ها هو الماءُ يهطلُ فوقَ الترابِ ابتهاجاً يليقُ بأزهارهِ الذابلة
ها همُ الصابرونْ يُشعلونَ بأشواقهم عتمةَ الروحِ في الطُرقِ المقفلة
ها هي النبضاتُ تهيّئُ للكونِ حالاتها ثم تنثرُ قُربَ هواجسها أنجمَ الأسئلة.
يولدُ الحلمُ من غامضِ الدّمِ مثلَ النهارْ..
بعد أن هبّتِ الريحُ نحو الموانئ.. ليتنا نستطيع أن نختار..
ليتنا قد نحوّلُ هذي الدروبَ.. إلى مهجةٍ.. ودعاءٍ.. وخبزٍ.. وجمرٍ.. وعرسٍ.. وغارْ…
ثم نطلقُها نحوَ أرضٍ تتوّجُ غربتهمْ بالأماني
فلنضوّئْ مناراتنا لمراكبهم ولنبدّعْ لهمْ شجراً من شروقْ..
ولنصعِّد في عزِّ ليالي القهرِ أملاً بميلاد النهار..
ولنسرْ حالمينَ بإنقاذِ مَنْ ضاعَ منّا فما زالَ متّسعٌ لمشاعلنا في الطريقْ..
لا تحزن أيها الصديق..
ميتون في حياتهم يعيشون.. وأحياءٌ في مماتهم يعيشون..
لكنَّ الشروق لا يُطلُّ إلا على عبر الشقوقْ..
فلنكن أحياء حين يأخذنا الموت في غيبوبةٍ عن الحياة..
ولتحيا فينا نبضاتُ الأملِ يولدُ من أعاصير الفناء.. يجري بنا العمر ألقاً بين العروق.
ثم ماذا عن الحياة؟!..
حياتُكَ مَا تشتهي أن تضيءَ لها وردةً من كلامْ..
حياتُكَ ما يوقظُ القلبَ حتى تمرَّ وحتى يمرَّ الظلامْ!!
حياتُكَ من كنتَ تمشي الدروبَ معه.. وتشربُ كأسَ الحياةِ..
وكأسَ المنونِ معَهْ.. وترغبُ في كلِّ حالاتِ روحِكَ أن تسمعَهْ..
ولا تدخلُ النومَ إلاّ وهلّتْ ثرياتُهُ في المنامْ
حياتُكَ مَنْ لا تُفارقُهُ في عذاباتهِ وابتهاجكَ من لا يفارقُ تيهكَ إن مالتِ الأشرعةْ..
حياتُكَ من تفرُشُ الرّوحَ حتّى يرفَّ عليها وأنتَ سعيدٌ بهذا التوحُّدِ حتى الجّمامْ..
حياتُكَ.. حياتُنا.. ما نَنشُدُهُ من أمرِ الله فينا.. وسطَ نار الحِمامْ..
حياتُكَ طريقُ العروجِ إلى سماوات الله..
طوبى لنا إن كانت عذاباتُنا فيها مسكَ الختامْ..
كي نحيا بها ونصرُخُ: يا نارُ كوني على قلبنا بردَ أُنسٍ وسلامْ.