الخُبث الأمريكي والبحث عن طوقِ نجاةٍ لإسرائيل… ومحور المقاومة والحساب المفتوح
بقلم زينب عدنان زراقط
صاروخٌ باليستي استهدف مقر قيادة “الموساد” في ضواحي “تل أبيب” أطلقه “حزب الله” جرّ به أمريكا وحلفاءها إلى طاولة المفاوضات في اجتماعٍ طارئ لمجلس الأمن بحضور لبنان وإيران ليجمعوا على وقفٍ فوري لإطلاق النار في لبنان لمدة 21 يوماً وعلى تطبيق قرار 2728 في “غزة” الصادر عن المجلس نفسه في آذار الماضي وينص على وقف فوري لإطلاق النار في “غزة”..
الشيطان الأكبر – أمريكا – امتنعت حينها عن التصويت عليه وتمّ اسقاطه… ولكن “نتنياهو” وأعضاء الكنيست من اليمين المتطرف امتنعوا عن الموافقة عليه مُهددين بانهيار الحكومة إذا انصاع إليه رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي أرجأ سفره قليلاً إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة…
مرةً أخرى أجبر الهجوم الباليستي من اليمن على “تل أبيب” ملايين المستوطنين في لحظة واحدة للهرولة نحو الملاجئ والاختباء بمن فيهم عضو الكنيست “بيني غانتس”، ما تسبّب بإغلاق مطار “بن غوريون” لتضرّره وصرفه عن الخدمة وامتناع الطائرات المتجهة نحوه عن الهبوط فيه… ليعقبه هجومٌ بالطيران المسيّر مصدره المقاومة الإسلامية في العراق على هدف عسكري للعدو الإسرائيلي في الجولان المحتل وسط تعتيم وتكتّم عن حصيلة الأهداف من قبل الكيان الغاصب…
“حزب الله” الذي توعّد بدكّ ما بعدَ بعد حيفا، ضرب تل أبيب، وأنزل بكل ضربةٍ رعباً لم يشهد لها هذا الكيان المحتلّ يوماً، فعاصمته ومقرّ وجوده السياسي وثقله الحيوي تحت الصواريخ التي لم تعصمها لا دفاعات ولا حلفاء وما حمتها بارجاتٌ ولا ردعتها… فضربوا مقرّ الموساد ومقرّ الاستخبارات الرئيسيّة للمنطقة الشمالية ومُجمعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل والتجهيزات التجسسية والقواعد العسكرية ومقرّ التجهيزات القيادية ووحدات التجهيزات الإقليمية… في استهدافاتٍ مباشرة أصابت الكيان في صميم هيكليته العسكرية مُحطمةً بنيتها وقواعدها، وكان الرعب واضحاً ما بين حروف التهديد والإعلان عن الهجوم البري على لبنان، ليصبح هذا التهديد مُجرّد صُراخ من الوجع ومواقف عريضة لا يعقبها أفعالٌ وتنفيذ. بينما كانت أهداف المقاومة تقتصر على العسكرية منها دون إلحاق الأذى المباشر بحياة المستوطنين؛ بينما كان جيش العدو الصهيوني المجرم يُمعن بضرب المدنيين والأحياء السكنية والبيوت وسط ضواحي المدن والأماكن المأهولة والمكتظة بالسّكان، منتهكاً كل القوانين الإنسانية والحقوق الدولية، غير آبهٍ بالسيادة اللبنانية، حيثُ اخترق الأجواء الإقليمية بالطيران الحربي ورمى بصواريخه؛ فأغار على لبنان من شماله إلى جنوبه، من بقاعة إلى كامل الشريط الحدودي مع العدو إلى ساحله وضواحي العاصمة بيروت الجنوبية إلى مدن صيدا وصور في أقصى الجنوب بحراً…
في مُقابل مشهد محور المقاومة المتكاتف الذي تترسّخ فيه صورة قوّة وحدة الساحات، الذي نمى وانصهر وتلاحم وبرزَت قوته من رَحِمِ “طوفان الأقصى” في معركة الحساب المفتوحِ للنيل من هذا الكيان المؤقت في مقابل ذلك يُفتضح الخبث الأمريكي ومراوغته ودورانه حول عقدة الحرب دون البتّ بإنهائها، فما الذي يمكن تصوّره من خبث الولايات المتحدة الأمريكية عقب ما تمّ التوصّل إليه في مجلس الأمن واحتدام المُحادثات لوقف إطلاق النّار في لبنان إلاّ أن تقوم بإرسال حزمة مساعدات للعدو الصهيوني قيمتها 8.7 مليار دولار، لينكر مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى السابق ديفيد شنكر على الهواء تحت تغطيةٍ مُباشرة في إحدى الإذاعات اللبنانية أنها لمُواجهة “حزب الله” – بتاتاً – بل هي لمواجهة “الحوثيين” و”الإيرانيين” حسب زعمه!.
المُراوغة الأمريكية والانهزام الحتمي لإسرائيل
إنه التضليل الأمريكي عينه الذي شهدناه مِراراً وتِكراراً منذ بداية حرب غزة في السابع من أكتوبر 2023 ونحن على مشارف اكتمال العام بعد بضعة أيام، من أعتى الاعتداءات والمجازر وأكثرها تنكيلاً التي خلّفت الدّمار الشامل وضحايا ناهز عددهم الأربعين ألفاً أقل من نصفهم بقليل هم من الأطفال والنساء ومائة ألف مُصاب ما بين المبتور والمشوّه أو وغيرهم من أفراد نجوا من بين عائلاتهم التي أبيدت بالكامل. إنه عدوٌّ لم تسلم من بطشه مدرسة أو دار إيواء ولا بلديات أو حُسينيات ولا مقرات دفاعات مدنية أو إغاثة، حتى المسعفون والمُراسلون الإعلاميون جميعهم قُتلوا في غزة. والمُحادثات مجرد أوهام من الأعراب في ظل البطش الأمريكي وطوع أمره – مكانك راوح -، في مُقترحاتٍ تُمعن ضرب قوى المقاومة وتسمح باغتصاب الإسرائيلي للأرض تحت عناوين سلام ووقف إطلاق النار. لقد حفظت المقاومة أسلوب الشيطان الأكبر واستماتته لإبقاء الحروب مُستعرةً في أوطاننا – حيث تكمن غنائمه -، لتضرب المقاومة بكل المقترحات عرض الحائط، فهي راسخةٌ وثابتة على الدوام على مبادئها لتحقيق كل مطالبها، دون تنازل أو مُساومة، على شروطها بوقفٍ دائم لإطلاق النار وخروجٍ كامل من قطاع “غزّة” – نقطه انتهى -.
وعلى المنوال عينه، المشهد يتكرّر هنا في لبنان، بعدما وجدت إسرائيل نفسها قُبالة حائط مسدود في “غزة” على الرُغم من اجتياحها ومحاصرتها فما تزال كمائن المقاومة تنال منها وتُردي قواتها ما بين قتيلٍ وجريح، فما استطاعوا إعادة أسراهم وبالتالي لم يتمكنوا من القضاء على حماس أو إضعافها بل هي تزداد قوةً.
إلى لُبنان، عندما قررت إسرائيل – لربما – الدخول الفعلي إلى لُبنان على سبيل أنها في معركةٍ – لا خلاص لها منها – تُدرك فيها أن حتفها الهلاك وهو نُصبَ عينها، إسرائيل ما عادت مكترثة – غير الذي يُحكى أن هدفها إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم -، فأمس كان هدفها إعادة الأسرى – مات نصفهم وهي لم تتنازل وتقبل بشروط حماس -، واليوم جُرح لبنان يُضمّد نَزفَ “غزة”، وإن لم يهتزّ العالم لأجل وجع “غزة” فها هو محور المقاومة تأهّب ليؤازر… ولعلّ أجمل ما كان في المشهد العام اللبناني، صورة الوحدة اللبنانية تحت راية المقاومة والمُساندة لفلسطين في ظلّ عباءة سماحة السّيد حسن نصر الله…
في الختام، قالها الأمين المُفدى “قطعاً سننتصر” وأكّدها قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي “حزب الله مُنتصر” – وبذلك يبلغ الأمر مُنتهاه – قطعاً بحولٍ من الله وقوته، وهذا حال كُل نصرٍ حيث يُروى بدماء الشهداء وخيرة المجاهدين وفلذات الأكباد من المقاومين الأحرار، فما من نصرٍ دون فداء… أما ما هو ، هو مصير رئيس الحكومة الإسرائيلية “نتنياهو” المُدرك أن رفعه راية الاستسلام والنزول عند شروط المقاومة والتراجع من حيث جاء، يعني أنّ الكنيست إنهار. وفي هذا المجال ثمة تساؤلات حول مغزى ذهابه إلى مجلس الأمن في أمريكا، هل ليُبدي رأيه أم ليرتجي ورقة خلاصٍ تضمنها له واشنطن من بعد نُطقه بما هو لا مفرّ منه، “التراجع ووقف دائم لإطلاق النار”؟ هل هو إيذانٌ ببدء الزوال لهذا الكيان المؤقت بعد انتصار المقاومة في معركة الحساب المفتوح؟؟…