ترسو عند حضرته الملائك إلى سيد سادة الشهداء السيد حسن نصر الله (قده)
بقلم غسان عبد الله
أنتَ الذي شَرَدَ اليمامُ بِكَفِّهِ،
ومشى الغمامُ بمقلتيهِ وفاضَ من شفتيهِ نَهْرُ الأُغنيات..
وطنٌ يذوبُ على الحنينِ فتشتكي منهُ السُّفوحُ غَداةَ أشعلها بجمر التَّمتمات..
وطنٌ يمرُّ على أنينِ الياسَمينِ..
فيستفيق على صدى الصَّوْتِ الشجيِّ الياسَمينُ
كما ارتعاشُ الُعشْبِ في كَفِّ النَّدى..
أو خطوة الفجر البهيِّ إلى الصَّلاة ينهضُ للحياة.
من أين تبتدئُ الدموعُ رحيلَها، من أين يا سيّد النصر..؟
لقد كَثُرَتْ سكاكيُنُ الضحيّةِ ثم طابَ النحرُ يا بطل..
أراهُم في كوابيس مدمّاةٍ يشدّون الوثاقَ على السنابل..
يتبادّلون اللهوَ والقبلاتِ والنخبَ المصفّى بعد أن وضعوا الحِرَابَ على المناهِلْ..
واستعذبوا الألمَ الذي غرسوهُ في عمق الثرى من أرضِ عامِلْ..
من أنتَ يا زارعَ مشاتلِ المجدِ على الأرضِ!!؟..
نثرتَ العمرَ.. معظمَهُ على صفحاتِ خضرتِكَ النديّةِ.. وصرتَ الرمَح منطلقاً،
وقاماتُ النخيلْ سطعتْ على كفَيكَ دهشتُها وذابت في جحيم المستحيلْ..
كم كنتَ يا سيدي تصفِّقُ بالرحيقِ..
وكنتَ فردوسَ القلوبِ وكان انسيابُكَ خالداً، يجري ويغسلُ بالنضارةِ مطلعَكْ..
ونشيدُ أرضِ الإباءِ يعرِفُ أهلَهُ أيامَ كانوا يعزفون سماتِهِ بدمائهم..
واليومَ يا سيّدُ، دماؤكَ جارياتٌ، والرحى في ليلها الموصودِ تعصرُ منبعَكْ..
ونشيدُ ضاحيةِ الإباءِ عند تلكَ الحفرةِ التي ضمَّتْ وجيبكَ
تبصرُه عيونُ الخلقِ معكْ.. ينساقُ مغلولاً ويكتمُ مصرعك..
والردمُ الملهوف لضمّك.. ما أدراكَ كم للتُّربِ من رئةٍ يضيقُ لهاثُها المحزونُ..
كم قمرٍ ينوس ضياؤهُ.. كم عند قامتكَ تهيمُ الأرضُ ظامئةً
وكم تبقى تفتش في مواويل الغناء عن خطوةٍ تمشي، وموعدُها غدٌ..
عن لحظةٍ تختارُ عنواناً لبهجتها.. وعن بوّابةٍ مفتوحةٍ ووراءها شجرٌ وماءْ..
يا سيدي.. يا مطلِقَ السنا على أرض الوطن.. كم كانت ملامحُكَ تبدو كلونِ الزيزفونْ..
واليومَ، الجوراحُ تبكي.. وقلبٌ تزمّلَ بالأنينْ..
شجرٌ يطلُّ بلا غصونْ.. ورفيفُ لحنِكَ يا سيدي يطفو على وجع السنين..
ناديتَ من تعبٍ “بلاد العُربِ أوطاني”.. ناديتَ، فارتعشتْ عيونْ..
وَمضى إلى صدركَ الوجيبُ يبكي، فعانَقَه المجدُ والعزُّ واللغةُ الخالدة..
ما بين شهادتكَ والليلِ تنهارُ ذاكرةُ العشقِ..
والأرض في دمنا تُراق فانشرْ ضياءَكَ يا بطلْ..
فاليومَ.. يومُ الجانحاتِ الوارداتِ مع المحنْ..
واليومَ.. يومُ الراكعين على الدِمَنْ..
هلاّ رأى أحدٌ لهذا اليومِ من ندٍّ ولو في لهجةِ الأحلام؟!.