أبجديةٌ جديدة .. لسيِّدِ العشق الشهيد
بقلم غسان عبد الله
لرثائهِ هيَّأُتُ أسبابَ القصيد،
قلتُ: يلزمني الصباحُ لرسم صورته، ويلزمني لعينيه الربيعُ..
لصوتِهِ مطرٌ “يذوبُ الصّحوُ منهُ” كأنه نايٌ يُرَجِّعهُ البعيدْ
ولوجهِهِ صيفٌ وأقمارٌ تسافرُ في دمايَ من الوريد إلى الوريدْ
وسأستعيدُ رفيفَ ضحكته لأطلق في بساتين النهار الأغنياتِ،
سأنتقي لوناً كحنّاءِ الغروبِ لشعْرِه، وفراشةً لحذائهِ الصيفيّ،
أرصفةً من العشبِ النديّ، لوقته جنّةً تُطلُّ على مواكبِ العارفينْ،
ولابتسامته مرايا الياسمينْ
وعليَّ أن آتي بما لم يَسْتَطِعْهُ أوائلُ الشعراءِ من قبلي
أنا.. أنا آخرُ العشّاقِ في الزمنِ الضنينْ
لمديحِه هيَّأْتُ كل زنابقِ الأعيادِ.. لكنَّ القصيدةَ، بعدُ، لم تحضرْ
وما زال الكلامُ الصعبُ كالفرسِ الحَرُونْ
لا بأس – قلتُ –…. لعلَّهُ ما زالَ ينقصني الحنينُ،
لعلّني ما زلتُ تنقُصُني الدرايةُ ربما، ولربما ما زال ينقُصني الجنونْ
لا بُدَّ من أرقٍ يؤجّجُ جمرَ أغنيتي ومن قلقٍ لأسئلتي
وإلا – قلتُ – ما جدوى القصيدةِ دونما عينينِ ضاحكتين؟
ما جدوى الكتابةِ كلها؟ إن لم تستوطن الكلمات سيدي!
وما نفعُ القوافي؟ الأغنياتِ؟ أقولُ.. إن لم تَنْسَكِبْ فيها الحياةَ
لتستوي شعراً على عرشِ الظلامِ ويعتلي فجرٌ جديدْ؟
وحدي وأبياتُ القصيدةِ بعدُ من نيرانهِ الخضراءِ لم تنهضْ،
وها أنذا أُحّومُ حول بابِ نهارهِ الموصودِ كالشّبح الشريدْ.
أخاطبُ الأشياءَ.. وأسألُ الأطياف.. فيشتعلُ الحوار:
– من أين ينبثقُ السماويُّ الملائكيُّ البياضِ؟ ويبتدي الزمنُ المتّوجُ بالنّضارْ؟
• من ياسمين يدين/أغنيتينِ تبتكران فوقَ الأرضِ ميلاد النهارْ…
– والشمسُ كيف تَفيضُ بالأعراسِ؟ كيف تُعيد سيرَتها؟ ومن أيّ المخابئ دائماً بالضوء تنهضْ؟
• من وجنتين/غمامتينِ ومن جبينٍ آسرِ الأسرارِ أبيضْ…
– من يُطْلِقُ الأشجار والأنهارَ؟ من يُعطي حشيشَ البحر خضرته؟ ومن يرعى، بوادي الليلِ، غزلان القمرْ؟
• عينان تشعَّانِ.. تجترحانِ في ظمأ القلوبِ الْبورِ، معجزةَ المطرْ
– من أين ينفتح المدى المنسيُّ كالجرحِ القديمِ على الغيومِ؟ وكيف ينسكب الغروبْ؟
• من وردةٍ نامت على نغماتِ صوتِكَ وهي ترشح بالموشّح.. والطيوبْ
– من أين تقتبسُ الأناشيدَ الطيورُ؟ وكيف تلهجُ بالأغاني؟
• من دفْقِ بسمتكَ الخجولةِ كلما أشْرَقْتَ مثل قصيدةٍ في مهرجانِ
– هي فكرةٌ لا غيرَ، لكن كيف تولدُ؟ والقصيدةْ من أين تبدأُ؟
• من أصابعكَ التي للقلب تُعطي أبجديَّتَهُ الجديدةْ.