عبرة الكلمات 468
بقلم غسان عبد الله
وَجْهٌ لا يَغِيْب..
لِلحُبِّ وَجْهٌ لا يَرَاهُ المُنْهَكُونَ.. وَلا يَغِيبُ عنِ الّذينَ استَأْنَسُوا بِالحُسْنِ خَلْفَ سَتائِرِ الأُفُقِ الشَّفِيفْ.. وَجْهٌ إذا ما غَيَّبَتْهُ غَمَامَةٌ غامَتْ بَصَائِرُهُمْ.. وَطارُوا بَينَ أَوراقِ الخَريفْ.. وَإذا تَجَلَّى في حَقِيقَتِهِ اِسْتَهَابُوا فَاسْتَرَاحُوا وَاخْتَفَوا في عالَمِ الأَلَمِ اللطيفْ.. هُمْ لم يَكُونُوا مُنْهَكِينَ.. لأَنَّهُمْ عَبَرُوا المَدَى رَغْمَ الجِْرَاحِ وأَوْصَدُوا بابَ النَّزِيفْ..
في وَحْلِ الطَّريق..
مُوحِلٌ هذا الطريقْ.. قالَهَا هذا التُّرَابِيُّ الذي يَصْحُو قليلاً بينَ مَوتَيْنِ ويَغْفُو في الحريقْ.. رُبَّمَا أسْلَمَ لِلرَّغْبَةِ نَفْسَهْ.. ورأى الأرضيَّ في جَنْبَيْهِ قد أعْلَنَ يَأسَهْ.. مِنْ نِهِاياتٍ وَراءَ الشاطئ الأوْحَدِ.. خَلْفَ الغَيْمَةِ الحُبْلَى بِأصْدَاءِ الغُيُوبْ.. رُبَّمَا لم تَسْتَقِمْ في رُوحِهِ الأشياءُ صارَ التِّيْهُ مَعْنَىً.. قالَ لِلدُّنيا: دَمِي يَهْوَى انْحِنَاءاتِ الدُّرُوبْ.. لم يَزَلْ يَأنَسُ لِلشمسِ وأمواجِ البَرِيقْ …. كُلَّمَا أوْغَلَ في وَحْلِ الطريقْ.
إعلان
كناسكٍ عجوزٍ.. أُعْلِنُ من سقفِ العالمِ سقوطَ الإمبراطوريات جميعاً.. المالِ.. والنحاسِ.. والبترولِ.. والقتلِ.. أعلِنُ حريةَ الإنسان.. آن للشعوبِ الضائعةِ وراءَ حَفْنَةٍ من الأرُزِّ.. وعلبة الدُّخانِ أن تستعيدَ ذاتَها المصادرةَ.. أن تصهرَ أفرانَ قهرها.. حرابَ أعدائها المسمومة.. تقدمي.. أمَّةَ القهرِ والانتظارِ الطويل.. تقدمي.. بخطواتك المباركة إلى الأرواح اليائسة بكلماتك الفاتحةِ.. تقدمي.. وأشعلي في شبابكِ المنتظرِ نارَكِ الفاتنة.
لغز اسمه الوطن
عندما تخرجُ من حدودِ الوطنِ يصبِحُ الفضاءُ أكثرَ اتساعاً.. ينبضُ قلبُ العالمِ كوردةٍ ندية، تتنفَّس الصُّعَداء.. تأخذُكَ المشاهدُ القويةُ.. تأخذُكَ الجبالُ والغاباتُ.. صباحاً تفاجِئُكَ برودةُ الهواءِ.. اللغةُ الغريبةُ الوجوهُ الغريبة.. يخضُّك الشوقُ ويجرِفُكَ الحنينُ.. تعود إلى وطنِكَ كما إلى صديقٍ حميمٍ.. ترتدي أحزانَكَ كما ثيابَكَ الأليفةَ وتتساءَلُ حائراً أمام لغزٍ اسمُهُ الوطنُ.. لماذا لا تجد نفسكَ الحقيقيةَ إلا بين جدرانه الضيقة.