آخر الكلام

في الصدرِ عجوز!!!…

بقلم غسان عبد الله

هي ذي أطرافُنا المرتجفةُ تتهجى بالعصا العوجاءِ (إسفلتَ) الطريقْ

ووراءَ الصدرِ كهلٌ أشْيَبُ اللمّةِ.. مخنوقُ البريقْ

حائرٌ.. ألقتْ به لعنتُنا في جوفِ بئرٍ عَطِنِ الماءِ، عميقْ

وهْو ما زال يغنّي للصفاءْ.. فاعذروني.. واعذروا أنفسَكم يا أصدقاءْ..

إنْ أضَعْنا في زحام العصرِ عنوانَ الطفولةْ

وتركنا زرقةَ النهر.. وألوان الشجرْ..

وطريقَ البئرِ.. والسوقَ.. وزخّاتِ المطر.. لعصابات الصغارْ..

أصدقائي.. كلّما مرّ نهارٌ.. ونهارْ.. يرتمي وجهٌ وتمثالٌ يُسفّى كالغبارْ

وتُصابُ الروحُ بالنكسةِ.. والعمرُ انهيارٌ في انهيارْ

أصدقائي..

نفَضَتْنا ـ مثلَ أعقاب اللفافات ـ الوجوهُ المؤنِسةْ

واحتسانا الشايُ في سهْراتِنا شيئاً فشيئاً

فإذا ما انتبهَ الشايُ صباحاً وجَدَ العمرَ خواءْ

فاعذروني.. واعذروا أنفسَكم يا أصدقاءْ

إن غَفِلْنا مرّةً عن صوتِ بابٍ دقّهُ كفُّ صديقْ

نحنُ قد شخْنا وفي الصدرِ عجوزٌ أشْيَبُ اللمّةِ.. مخنوقُ البريقْ

مُثْخَنٌ بالسنواتْ.. غارقٌ بالصَلواتْ

لم يعدْ يسمع صوتاً.. لم يعدْ يبصرُ.. كي يكتبَ للحبّ جوابا

لم يعد يقوى.. لكي يفتحَ بابا

فلقدْ مصّ الوَهَنُ عظمَهُ حتّى النخاعْ.. وتولاّهُ الزمنْ بوداعٍ حارقٍ.. إثرَ وداعْ

فتهدّلْ.. جلْدُه فوق البدَنْ.. وتحوّلَ من فتىً نابضٍ إلى (عُودِ المآتةْ)

مضحكٍ حيناً وقد يبعثُ في النفسِ الشماتةْ

أو مثيرٍ للشجَنْ

أصدقائي ربّما بعد سنةْ.. باقةُ النرجسِ تذوي وتموتُ السوسنةْ

ويسيلُ البردُ كالأعرجِ في أوصالِنا ثمّ ينامْ

ونرى كفّين تمتدّانِ من بطنِ الظلامْ

تدعوانِ الطائرَ العاجزَ للتحليقِ.. والغصّةُ فيهْ

فهو مقصوصُ الجناحْ.. وهو لا ينظرُ في الليلِ تباشيرَ الصباحْ

لا.. ولا النورَ الذي يفتحُ شُبّاكاً هناكْ

فاعذروني.. واعذروا الطَير الذي اصطادتْه للنّارِ الشِبَاكْ

لم يعدْ يصلحُ للزينةِ والتغريدْ

فلقد شاخَ.. وليس العيدُ للشيوخِ المُتعَبينْ

أصدقائي.. غادَرَتْنا من سنينٍ هدأةُ البال.. ولم يبقَ لنا إلاّ الأنينْ

ونُثارٌ من تصاويرَ.. وأوراقُ رسائلٍ في ثنايا صرّةٍ في الزاويةْ

قد علاها مثلَنا سيفُ الشحوبْ.. وغداً.. لمّا نذوبْ

سوف تذروها الرياح العاتيةْ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *