آخر الكلام

كنتُ أحلمُ أنني خيطٌ من لحمةِ ثوبك.. “إلى الشهيد الأقدس في مثواه”

بقلم غسان عبد الله

لو كنتُ سيّافاً‏ بَتَرْتُ الوقتَ،‏

واغتسلتْ يداي بزيزفون الراحلين‏

من الجنوبِ إلى الجنوب،‏ لكنّ لي قلباً‏

يداوم في مدارسِ عشقكَ العليا‏

ولمْ يبْرحْ مدارجَ نهجكَ الروحيّ،‏

نادتهُ الشهادةُ‏ فارتمى..‏

والريحُ بعثرتِ الغيومَ الحاملاتِ‏ سلالَ أفراحي..‏

الغيومَ الهاجعاتِ‏ على نخيل الروحِ.‏

لو ألقيتُ في البئرِ العقيمة‏ مُرَّ أطرافِ الكلامِ‏

لَنازعتني نخلةُ العمرِ الحبيسةُ،‏ بذرةُ التحليقِ،‏ حاديةُ البشائرِ والدعاءْ‏

وجّهتُ قلبي‏ للذي زرعَ طريقَ الحلمِ‏ أفواجاً من الذكرى،‏

وحطَّ فوق روحي‏ موسماً من جلنار،‏ ثمّ ألقى بردَهُ وسلامَهُ.‏

لو كنتُ أملكُ بعض نفسي‏ لحَرَقْتُ أمكنتي ويأسي،‏

وصعدتُ نحو فضاء قلبكَ،‏ واتّشحتُ بظل صوتكَ

واكتملتُ بذروة الحبّ المجيدة،‏ واعتمرتُ رياضَ روحكَ،‏

عرضُها عرضُ اكتمالكَ في عناقِ الورد،‏

زمزمُها سفوحُ التائبينَ‏ يحرِّقون حصاد عمر فاسدٍ..‏

لو كنتُ أملكُ قطع “لو”‏ لرسمتُ صوتكَ في دمي،‏

وبلغتُ همزةَ وصلكَ الذهبيِّ‏ كي لا أنتهي.‏

لكنّ نهجَك لا يغيبُ‏ ونهرَ جرحي بعضُ صوتكَ

كنتُ أحلمُ أنني خيطٌ من لحمةِ ثوبك..

نسجٌ من أريجِ صبابتِك..

بعضٌ من شهقةِ ملاكٍ رأى ارتحالكَ عن الركنِ الجليلْ..

شيءٌ من وفاضٍ خالٍ بدونِ صلاةِ عينيكْ..

كنتُ أحلُمُ يا مولى الروحِ بعمرٍ آخرَ سابقٍ لميلادِكَ

كي أطوي العمرَ انتظاراً لولوجِكَ ساحة الأعمارْ..

أحلمُ أني والحزنَ لا نلتقي.. أني بعينيكَ أرتقي..

أحلُمُ بارتماءٍ عند عتباتِ قدميكَ قبيلَ الدفنِ بقليل..

أقبِّلُ ما حفَّ بالنعشِ من ملائكَ وأطيارْ..

لكنْ كعهدكَ أنتَ أعلى من الرؤى.. وأغزرَ من الأمطارْ..

تسقُطُ رياناً على القلبِ المعذَّبِ

تعطيهِ نداوةَ طهرِكَ ويبرودَ الانتظارْ..‏

تظلُّ في القصيِّ من أحلامٍ تراودني.. وتغتالُني شوقاً في رابعةِ النهارْ..

وأنا بقيتُ‏ كقادم الأيامِ‏ متّشحاً بأوجاع التمنّي‏

وآلامِ الخلقِ.. وحزنِ أجدادِكَ الأطهار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *