أعطيتُ روحي لشهرِ اللهِ..
بقلم غسان عبد الله
آتي.. وللأسحارِ شواطئُها.. ولي الأقمارْ
والنوافِذُ التي ما أُشْرِعَتْ منذُ كانت
إلا للنجومِ تتزاحَمُ في بهجةِ الأطيارْ
لي في لياليكَ طعمُ ميلادٍ وهمسٌ من رحيقِ الليلِ..
لي في عطشِ العاشقينَ فيوضُ الأنهارْ
عذباً.. فاتحاً للنارِ قِبلةَ صوميَ المحبوبِ نصفاً آخراً للعشقِ
تمهرُني المآذنُ بالصلاة..
ولي دعواتٌ تغنّيها مواعيدُ الطفولِةِ في قطافِ العمرِ.. وجنى الأشجارْ
لي كلَّ الذي أعطاه لي سيِّدُ الكائناتِ..
الضراعةُ.. والأمنياتْ.. لي ضوءُ هذا النهارْ..
يا شهرُ.. جللني لأطفو كالمرافئِ.. ثم تتكئُ المياهُ على يديّ..
كأنني ضفافُكَ في المساءْ
تُرخي فوقيَ الأرضُ ظلالَ الرؤى.. قبرةً مَن الحْناءِ..
تتبعنُي السفوحُ إلى دمائي حيثُ يُتْعِبُني الدوارُ
فلا أجازفُ باستعادةِ ما مَنَحْتُ الروحَ مِنْ صومٍ
لترتاحَ الخطا بعدي.. وتأوي بحضنِها الأقمارْ
أفَقْتُ.. وذو النونِ يحزمُ تحت إبطيْه الشموسَ
ويقتفي قلبي.. وقلبي مثلُ مصباحٍ تدلّى من عروشِ الثمارْ
أصرخُ.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين
وأخشى أن يُضاءَ ليليَ بِشمعتينْ من أُوارْ..
لو أنَّ لي شهراً آخرَ يزمّلني
فأبكي ما تيسَّرَ قبلَ أن يَلِجَ الحصادُ أوردَتي
في زحمةِ اليأسِ والدمارْ
كيف آخذُ من لدنِ الصومِ الماءَ.. والعمرَ الطريّ
لأطفئَ الليلَ الطويلَ الشفيفَ برشفةِ انتظارْ..
أو رعشةِ انتصارْ..
أعطيتُ روحي لشهرِ اللهِ..
فمن يقاسمُني هلال الأنسِ في مُهجتي
لأفردَ فوقَ المآذنِ دمي..
فأنا على وشكِ الضراعةِ والأشعارْ..