عبرة الكلمات

عبرة الكلمات 484

بقلم غسان عبد الله

صوت

عندما تخرجُ من حدودِ الوطنِ يصبحُ الفضاءُ أكثر اتساعاً.. ينبضُ قلبُ العالمِ كوردةٍ نديّة، تتنفَّس الصُّعَداء.. تأخذُكَ المشاهدُ القوية تأخذُكَ الجبالُ والغاباتُ صباحاً.. تفاجِئُكَ برودةُ الهواءِ.. اللغةُ الغريبةُ.. الوجوهُ الغريبة.. وتمضي الساعاتُ والمسافاتُ.. المدنُ والفنادقُ والأشياء.. وأنت لا تسمع إلاَّ صوتَكَ الداخلي.

هدير

رجلاً من العصورِ القديمةِ كذاكَ السومريِّ أَخرجُ عنَد منتصف الليلِ بين كانونَ وكانون من المدنِ إلى البراري الغامضة.. أدخُلُ الجبالَ الواقفةَ كالأسوار.. من الصحراءِ إلى البحر.. من البحرِ إلى الصحراء.. ودائماً أَسمعْ هديره المتصلَ كنهرٍ خفيٍّ أو بركانٍ بعيد.

سيرة ذاتية

يغيبُ في الأدغالِ الكثيفةِ كطائرٍ ذهبيّ.. يمرُّ على زهراتِ البراكينِ يقبِّلُها زهرةً.. زهرةْ.. يترُكُ على الصخورِ العملاقةِ ملامحَ من سيرتِهِ الذاتيةِ مرسومةً بفحمِ أصابعهِ العشرة وقلبِه، ثم يدخلُ الهاوية كصرخةٍ مكتومةٍ.. كجرح بليغ!.

يدُ الحياة

على شواطئ الذكريات أمام الغيوم البنفسجية والشمس التي تتهيأ للنزول إلى البحر جياد الريح السريعة تطارد الأمواج.. أيام وسنين وما زالت زهرة عباد الشمس الصغيرة بوجهها الضاحك البهيج تتألق وتتألق في أعماق القلب، فرحاً طفليَّاً وباقة من شموع، بطاقة مدهشة وقّعتها يد الحياة..

التيه

فوقَ حقولِ الرّبيعِ كان يطاردُ أحلامَهُ والفراشاتِ وتحتَ مطرِ الخريفِ يغنّي.. وعند الحصادِ..، وفي الصيفِ يغفو على السّطحِ تحتَ النجوم.. يراودهُ التيهُ وفي الصورِ الآسرة يدخلُ المستحيل.. يحاصرهُ الجوعُ والبائعون.. تطارده الأذرعُ الغادرةُ تحشوهُ قَشَّاً وتعرِّضُهُ لفضولِ العيون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *