إقليميات

“إسرائيل” قُنبلةٌ موقوتة

بقلم زينب عدنان زراقط

إسرائيل تستغيث دولياً، المستوطنات أُخليت وأُجلي آلاف المستوطنين، جنود الاحتلال محاصرين والدبابات والقواعد العسكرية الصهيونية تحترق في عاصفة النيران…

حرائق في جبال القدس، قُدّرت بالأكبر منذ تأسيس الكيان، زاعمين تارةً أنها بفعل الطبيعة وأخرى أنها بفعل فاعل وغير عفوية… وسخرية داخلية على الأمن الاسرائيلي في ظل تعرقل محاكمات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع استمراره في مواصلة حربه على غزة والضفة ومناوشاته الاستفزازية في لبنان ودخوله على الخط السوري في تأجيج الصراع الطائفي بين العشائر.

قبل يوم من اندلاع الحرائق في إسرائيل، شبَّ حريق مفاجئ وهائل في ميناء “الشهيد رجائي بندر عباس” في إيران – لخصوصيته في الصناعات النفطية والغاز والبتروكيماويات – انفجارٌ مُشابه لحادثة مرفأ “بيروت أب 2020، المشهد نفسه، وكأنّ المنفّذ واحد… واليوم بعد ما يُقارب الأربعة سنوات كان من المفترض أن يُسلّم الفرنسيين تقرير فني إلى لجنة التحقيق اللبنانية يظهر كيفية حدوث انفجار مرفأ بيروت ومن يقف وراءه، – علماً أن صور الأقمار الصناعية بحوزة الغرب… – إلاّ أنهم أتوا خاليي الوفاض ولا أدلّة بحوزتهم.

ما بين حرائق وانفجارات هنا وانقطاعٍ مفاجئ للكهرباء في بلدان أوروبية أخرى وغيرها من سقوط مفاجئ للطائرات ووقوع اغتيالات وتعطل أنظمة وتوقف مباغت للبرامج الالكترونية… إنها حروب العالم المتطور، الحروب السيبرانية أم حوادث طبيعية ومحض صدفة…؟! على كُلٍ ما الذي جرى في إسرائيل على صعيد الحرائق ولماذا يستمر نتنياهو في حروبه على الجبهات الثلاث غزة ولبنان وسوريا؟.

النيران المهولة داخل الكيان

 موجة الحرائق التي اندلعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة حول القدس، هي واحدة من أخطر ما شهدته إسرائيل مؤخراً، وسط تحذيرات من امتدادها إلى مناطق إضافية بسبب الأحوال الجوية السيئة، ما دفع السلطات الإسرائيلية إلى إعلان حالة التأهب القصوى. اندلعت الحرائق الضخمة، صباح الأربعاء، في جبال غرب القدس المحتلة، ما استدعى سلطات الاحتلال لاستقدام مروحيات للسيطرة عليها في تقديرٍ لخطر تجددها لعدة أيام بفعل الرياح. وفي ظل تصاعد الأزمة، أصدر وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، توجيهات إلى قيادة الجيش بنشر وحدات للمساعدة في جهود الإطفاء. وقال في بيان مقتضب: “نحن في حالة طوارئ وطنية، ويجب تجنيد كافة الإمكانيات لحماية الأرواح واحتواء النيران”.

وتوجهت سلطات الاحتلال بطلب رسمي للحصول على مساعدات دولية لدعم عمليات الإطفاء، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، الأرجنتين، قبرص، اليونان، كرواتيا وإيطاليا، للمساهمة في جهود إخماد الحرائق – بحسب تقارير إسرائيلية -.

ونتيجة للحرائق، أُجبر المستوطنون في عدة تجمعات على الإخلاء، بما في ذلك “نفيه شالوم”، و”بكوع”، و”تعوز”، و “نحشون”، حيث قدّروا بأكثر من 15 ألف شخص، إضافة إلى إخلاء النصب التذكاري العسكري في “اللطرون”، وكذلك إخلاء الدير، وتمَّ تأجيل فعاليات ما يسميه المحتلون “عيد الاستقلال” لأول مرة منذ نشأة الكيان في 1948. كذلك تم إغلاق الطريق السريع رقم 1 الذي يربط القدس بـ (تل أبيب)، وترك عدد كبير من السائقين مركباتهم تحترق هرباً من ألسنة اللهب. أيضاً، شملت الإغلاقات الطريق رقم 3 القريب، إضافة إلى الطرق رقم 65 و70 و85، بالتوازي مع تعليق حركة القطارات بين القدس وتل أبيب. لم تقتصر النيران على المدنيين فقط بل طالت معسكرات الجيش الإسرائيلي، والتهمت الدبابات والقواعد العسكرية. وقدّرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن النيران التهمت نحو 20000 دونم في جبال القدس وأن تكلفة إعادة الإعمار بعد الحرائق الضخمة في إسرائيل قد تصل إلى ملايين الدولارات.

كما أن القناة 14 العبرية قالت إن الحرائق المندلعة بفعل فاعل وليست عفوية، وشرطة الاحتلال تعلن اعتقال “مشتبه به” بإضرام حرائق في القدس المحتلة، فاعتقلوا فلسطينيين وروّجوا على أن “حماس” هي من حرّضت على إشعال النيران في أرجاء القدس داخل الأحراش… فيما أعلن وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير أنه يجب التعامل مع مشعلي الحرائق كأخطر الإرهابيين وإنزال أقصى العقوبات بهم، ونحتاج إلى إقرار قانون إعدام الإرهابيين وتطبيقه على من يحاول إحراق آلاف المدنيين. إلا أن المستوطنين سخروا منه بسبب فشله في إخماد الحرائق المستمرة، مستذكرين توزيعه الأسلحة بأعداد كبيرة على المستوطنين خلال الفترة الماضية.

نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب

عدا عن كيفية أو سبب وقوع الحرائق، الخلاصة تكمن في أن الاحتلال الصهيوني في واقع مأزوم جداً على الصعيد الداخلي، ما بين انقسامات حزبية ومعارضة شعبية لرئيس الحكومة “نتنياهو” المحكوم بملفات فاسد، الذي إذا ما أوقف الحرب استدعته المحكمة مباشرة لاستئناف محاكمته، وتسقط حكومته. نتنياهو الذي حاول كل جهده لمنع استحقاق المفاوضات المباشرة ما بين أمريكا وإيران، وهدد إيران بضرب مفاعلاتها النووية وكان ينتظر الضوء الأخضر من أمريكا… يعتبر نفسه الخاسر الأكبر – وفي وضعٍ حرج – إذا تمّ تسوية تفاهم ما بين الأمريكي والإيراني التي تعني حلاً شاملاً وكاملاً للمنطقة في تسوية كبرى جديدة.

ولأن القواعد الأمريكية والجنود الأمريكان هم أول بنوك الأهداف في المنطقة عند المقاومة في حال إقدام الإسرائيلي على أي تهور أو مجازفة، هي تقدم على الانسحاب العسكري بشكل تدريجي إخلاءً لمواقعها في سوريا وذلك ما زعمت المباشرة فيه في العراق أيضاً، تحسّباً من تكرار تجربة الفيتنامية وعودة الجنود الأمريكان جثثاً محمولة إلى الولايات المتحدة.

في الختام، الإسرائيلي يبحث عن أي توتر لتأزيم وضع المنطقة، وانتهاكاته الاستفزازية لسيادة لبنان وخروقاته المستمرة لنص قرار 1701 ووقف إطلاق النار مع لبنان، هو دليل عن عدم نيته بوقف الحرب والاعتداءات، أضف لعدم التزامه بالانسحاب الكامل من جنوب لبنان، استفزازاً للمقاومة اللبنانية كي “ترد” لتشكل بادرةً لها لاستئناف الحرب وتأجيج المنطقة. إلاّ أن تقدير المقاومة بالتريّث وتسليم زمام المبادرة للدولة فيه حكمة.

فإن كان “حزب الله” من لبنان لن يعطي العدو زمام إعادة الحرب، ولا إيران يجرؤ على شن اعتداء عليها في ظل المفاوضات مع الأمريكي، فما الذي سيحلُّ بنتنياهو من بعد الاتفاق مع إيران وهل يمكننا ربط الجنون الإسرائيلي على وتيرة تقدم المفاوضات ما بين واشنطن وطهران؟ ما الذي سيقترفه نتنياهو مع خطر انتهاء حياته السياسية والعسكرية قبل إقالته؟؟!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *