إقليميات

اليمن يبارك انتصار إيران ويواصل مسار الدعم لغزة

بقلم نوال النونو

 هذا الانتصار، لم يكن مجرد خبر عابر لدى اليمنيين، بل نغمة تتردد في قلوبهم، فبريق الانتصار الذي يلمع من طهران لم يكون مكسباً لإيران فحسب، وإنما للمنطقة برمتها، ولهذا أرسل اليمنيون عبر قيادتهم الثورية والسياسية والرسمية برقيات التهاني للجمهورية الإسلامية بهذا الانتصار، معتبرين أن العدو الإسرائيلي قد تلقى أقسى وأشد الضربات.

ويصف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي الانتصار الإيراني على كيان العدو الإسرائيلي “بالكبير”، مؤكداً أن ما حدث هو “هزيمة كبيرة للعدو الإسرائيلي ولأمريكا وللداعمين الغرب”، كما أنه “انتصار لإيران وللنظام الإسلامي وللعرب وللقضية الفلسطينية”، مشيراً إلى أن “حجم تحضيرات العدو لاستهداف إيران كانت كبيرة، ولها مدة زمنية قد تكون لعام أو لأكثر، حيث تم فيها رفع السقف عالياً، والأخطر فيها أن العدو كان يسعى لإزاحة إيران من طريقه بهدف السيطرة على المنطقة واستباحتها.

ويتساءل السيد القائد عبد الملك الحوثي في خطاب له الخميس الماضي: “ماذا لو نجح العدو الإسرائيلي في تحقيق أهدافه وهُزمت إيران أو خضعت للشروط الأمريكية الصهيونية؟ موضحاً أن ذلك لو حدث لأثّر بشكل كبير على واقع المنطقة، لا سيما وأن مخططات الصهاينة تتحدث عن تغيير الشرق الأوسط، وهم واضحون في ذلك، ويتحدث نتنياهو بنفسه عن ذلك.

برقيات التهاني بالانتصار لإيران لم تقتصر على السيد الحوثي، وإنما شملت المجلس السياسي الأعلى بصنعاء والحكومة ورابطة علماء اليمن، والأحزاب والقوى السياسية.

وفي هذا الشأن يعتبر رئيس المجلس السياسي الأعلى القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية المشير الركن مهدي المشاط أن الانتصار الكبير لإيران “مثّل دفاعاً مشروعاً عن السيادة الوطنية وسلامة الأراضي الإيرانية وصون الأمن القومي، وذلك في إطار مواقفها الثابتة والداعمة للقضايا العادلة للأمة الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية”، مؤكداً أن إيران ألحقت بالعدو الصهيوني هزيمة نكراء، ولقّنته درساً لم يشهده منذ زراعته في المنطقة، وأحبطت مساعيه العدائية لإخضاعها عبر التدمير والعمليات الإجرامية، وحافظت على حقوقها في الاستثمار في برنامج نووي سلمي، وحقوقها الدفاعية وعلى رأسها الترسانة والبرامج الصاروخية.

ولفت إلى أن إيران “كسرت المحاولة اليائسة لفرض الهيمنة على المنطقة العربية والإسلامية بتحييد قوة إقليمية مقتدرة، ومنح الكيان الصهيوني التفوق العسكري، ومن ثم تحقيق الاستباحة الكاملة للمنطقة والسيطرة التامة عليها، وتنفيذ مخططهم الإجرامي تحت عنوان “تغيير وجه الشرق الأوسط”.

أما المتحدث باسم أنصار الله محمد عبد السلام، فقد أكد أن الضربات الصاروخية اليومية والمدمرة على الكيان “مثلت صفحة عز في سجل إيران بأنها أولى الدول الإسلامية، واجهت بترسانتها الذاتية عدواً مدججاً بأحدث الأسلحة الغربية”، لافتاً إلى أن المعركة لم تكن مع “إسرائيل” بما تمثل كقاعدة أمريكية متقدمة فحسب، بل كانت مع أمريكا وآخرين من دول الغرب التي اصطفت إلى جانب المعتدين.

ويُعدُّ اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي من أبرز الدول التي أعلنت وقوفها بشكل واضح مع إيران ضد العدوان عليها من قبل كيان العدو الإسرائيلي، حيث وضعت البحر الأحمر كقاعدة لاستهداف السفن الأمريكية والإسرائيلية، غير أن الاستهداف لم يحدث بسبب الانسحاب الأمريكي السريع من الحرب مع إيران، وعدم الرغبة في توسعة نطاقها.

موقف ثابت مساند لغزة

ومع توقف الحرب الصهيو/أمريكية مع إيران، تبقى الأنظار متجهة نحو اليمن، بخصوص مساندة لغزة، وما الذي يمكن أن يقدمه في هذا الجانب.

ويؤكد السيد عبد الملك الحوثي أن اليمن سيواصل الإسناد لغزة، بقدر الإمكانات المتاحة، في إشارة إلى أن اليمن لا تمتلك القدرات العسكرية الهائلة مثل إيران، لإطلاق الزخات الصاروخية الكبيرة، ولكنه سيستمر بقدر المتاح.

 ولعل ما يميز الموقف اليمني خلال كل هذه الأحداث الكبيرة في المنطقة، هو الثبات على المساندة لغزة، على الرغم مما يتكبده اليمنيون من أوجاع نتيجة العدوان الأمريكي الإسرائيلي، وعلى الرغم من التهديدات المتواصلة من قبل الإسرائيليين بتوجيه ضربات ضد اليمن كما حدث لإيران، لكن هذا طريق اختاره اليمنيون ولا يمكن الحياد عنه، أو التراجع في منتصف الطريق، ولهذا نتوقع أن يستمر اليمن في إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية الفرط صوتية باتجاه “إسرائيل” مع إعادة ضبط الإيقاع وتفعيل الحصار على مطار [بن غوريون]، والتوسع لحصار مطار حيفا، وهي استراتيجية أثبتت نجاعتها قبل العدوان الإسرائيلي الأخير على ايران، وتمكن اليمن من تحييد 70% من شركات الطيران وتعليق رحلاتها إلى المطار.

 قد تُقدِم “إسرائيل” على توجيه ضربات على اليمن، لكنها تفتقد إلى المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، فأمريكا وكيان العدو واجهوا إشكالية “العمى الاستخباراتي” خلال أكثر من عام في اليمن، ولم ينجحوا في اختراق الجبهة اليمنية أو التأثير عليها، كما حدث في لبنان وإيران، وهذا العامل مزعج للصهاينة.

العامل الثاني الذي يمنح اليمن قوة، هو التحكم بمضيق باب المندب، والاستمرار في تفعيل الحصار البحري على العدو الإسرائيلي، وهذا الحصار يكبد “إسرائيل” خسارة كبيرة، لا سيما وأن تجارة العدو إلى الهند والصين وأفريقيا متوقفة منذ أكثر من سنة على الأقل.

لن تتمكن اليمن من توجيه ضربات قاسية للكيان المؤقت كما فعلت إيران، لكنها ستواصل إسناد غزة بقدر ما تستطيع، ولا بد أن يكون لديها تأثير بقدر الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، وعلى العدو الإسرائيلي أن يدرك أن اليمن لا يستسلم ولا يتراجع ولا يعرف لغة الانكسار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *