
ليسَ في الأرضِ سوى الجرحِ العلويِّ.. “العاشقُ الرَّباني”
بقلم غسان عبد الله
أعماقُ الحزنِ..
الطَّفُ.. والدمعُ.. وآخرُ خفْقةٍ في القلبِ..
أشلاءٌ مجزَّأةٌ فوقَ الترابْ..
تَفِرُّ من أَشَرِ الظَّمأِ.. للسَّبْيِ المُباحِ في الزمنِ اللعينْ..
يبدأُ الجُرْحُ بأعماقِنا.. يزفرُ الحلُمُ أريجاً يستغيثُ بالدّمِ والسؤال..
تختفي الأزهارُ في أكمامِها..
يختفي النَّورسُ والأفقُ المدمَّى عبر أشلاءِ المدينة..
تختفي الزُّرْقةُ في البحرِ.. يفيقُ الفجرُ مذعوراً على عزْفِ الحرائقِ..
والسَّبايا تراقِبُ القاسمَ يصنعُ عُرْسَهُ.. أيُّ فيضٍ في الجراحِ المُثقَلةْ..
ليسَ في الأرضِ سوى الجرحِ العلويِّ
ليسَ في الأرضِ سوى الدَّمعِ جواباً.. يُسْكِتُ ضَرامَ الأسئلةَ..
ما بينَ خطوِكَ وانطفاءاتِ الطفوفِ..
يرقُصُ يزيدُ على نزْفِ الدَّمِ المطلولِ من وجهِ القمَرْ..
ما بينَ خطوِكَ والتفاتاتِ المدى.. موتٌ جميلْ..
ضرامٌ في صحراءِ الهجيرِ وما أسْقَطَ النَّخيلْ..
كانَ صمتاً علوياً حينَ مرّ السَّيفُ بالنَّحرِ الجليلْ
أيها العاشقُ الرَّبانيُّ على مدى الأكوانِ
من بعيدٍ من خلفِ الفيافي.. وفي بيداءِ الكروبْ
من بعيدٍ عبرَ صرخاتِ المآذنِ والمشاعلِ والمشاتلِ..
تأتي كأجملِ حزنٍ يؤرِّقُ هذا النَّبض عن الخفق الحميمْ..
تأتي كانعطاف النهر نحو جداولِهِ الصغيرةْ..
كلُّ قطرةٍ فيهِ موجٌ.. فيه وهَجٌ.. يغرسُ الوردةَ في قلبِ الخريفْ..
ما بيننا سيدي.. أنهارُ أحزانٍ وملأٌ حزينْ..
وأكداسٌ من القمحِ المخضَّبِ بالنَّجيعْ..
ما بيننا زيتونةٌ في الأقصى عطشى..
وسكِّينٌ تُغيرُ على غُلالةِ عشقٍ..
والتَقينا اليومَ.. أنت على مسافةِ الجنانِ برزخٌ للعبورْ..
وأنا انجراحُ الحزنِ يأكلني الثُّبورْ..
أنا وجهٌ شاحِبٌ إلا من الأملِ المخضَّبِ بدماكْ..
كلُّ دمعةٍ يصفو بها في الرُّوحِ وهَجُ نِداكْ..
مقلتايَ أوقَدَتْ في الرُّوحِ شمعَتها الأخيرة..
من وراءِ الزَّمانِ المُهشَّمِ.. من خلفِ أسوارِ المدائنِ والحرائقِ والدُّخَانْ..
من بين أرصفةِ المواجعِ ومرفأ الأحزانْ..
من بين أوداجِ القصائدِ.. من بين نجيعِ القوافي..
وانحسارِ الموجِ عن ظمأِ السِّنينْ..
أنا الآن على شفا شهقةٍ من بكايَ
أسترجِعُ جرح الأحبةِ في جنبِ رضاكَ
أصرُخُ من نزْفِ جروحي.. “يا لجراحاتِ الحسين”..