آخر الكلام

من أوراق الليل

بقلم غسان عبد الله

للنارِ أَنْ تأَتي‏ فما في الرُّوحِ غيرُ هشيمِ أنفاسٍ‏

وما في الرّيحِ للظمآنِ مَاءُ‏

للنار أَنْ تأتي‏ وتعصرَ هطلَها في جيبِ أحلامي‏ فترتَاحُ الدِّماءُ.‏

للنَّار أن تأتي‏ فَتِسْعُ أصَابعٍ‏ أَشعلتُ كي أتلمَّسَ الأحلامَ بالباقي‏..

وأعلمُ أنَّ ما سرّبتُ من كفيَّ‏ شمعٌ من فراشاتٍ‏ يَذوبُ ولا يُضِيءُ.‏.

ما بينَ هطلٍ من دموعيَ أو بكأسي‏ أَحتمي بِتَعَرُّجِ الخُطواتِ‏..

كيما يخطِئَ الحزنُ الوُصولَ‏ إلى دمي‏ فَأراهُ مِنْ جلدي يَجِيءُ.‏.

ما بينَ عشقَينِ استبدَّا بي أَنوسُ..‏

أودُّ لو أَصحو‏ وأعرفُ سوف تشربُني الهمومُ..‏

سيكونُ عرسٌ للظلامِ إذا صحَوتُ‏

وتنتشي بالرَّقصِ جِنِّيَّاتُ خَيباتي‏ فَتُنجيني تلاواتُ الكتاب..‏

أودُّ لو أغفو‏ ولا تَصحو بأحلامي الكُلُومُ.‏.

يا أيُّهَا البَردُ المَكينُ‏ أَلا انجَلِ‏ قَدْ سَاقَني حُزني إليكَ‏

فهل أَكونُ مُضرَّجَاً‏ بالشَّمسِ‏ والبردُ الحصينُ‏ على قبابِ فمي يَحُومُ؟؟‏

في البدْءِ‏ كانَ الحزنُ نصفَ عبارةٍ‏ وَبِسِرِّهَا تُشْقِيكَ أَنصافُ الجُمَلْ.‏.

لا‏.. لم أَكُنْ أَنوي احترافَ الحُزنِ‏ حينَ زرعتُ عشباً،

من مشاتلِ عشقي في كُرَّاسِ مَدرستي‏ ودَارَ العُمرُ دورتَهُ‏،

فضيَّعتُ المشاتلَ‏ في متاهاتِ الجَدَلْ..‏

في البدءِ كانَ الحزنُ بعضاً من تفاصيلي‏..

وها يَبدو دَمي‏ متورطاً بالحُزنِ من يُنبوعهِ‏ حتَّى أقاصي النَّزفِ..‏

يَجفَلُ من تَمَدُّدِ ضحكةٍ ورديَّةٍ‏ في رَاحَتيهْ..‏

هذا دَمي‏ مرصودُ ليلِ الدَّمعِ.. شيخُ طريقةِ الأحزانِ سَدَّ لَهُ السُبُلْ..‏

كَمْ يا تُرَى قمرٌ سَيُخسفُ في سمائيَ‏..

قبلَ أن أستدرجَ الفجرَ العنيدَ‏ إلى ستائر غُرفتي‏ ويبوحَ شُبَّاكٌ بِمَا في اللَّيلِ يُخْفي..‏

شفتايَ يابِسَتَانِ‏.. هل مِنْ واحةٍ‏ تدعو بمزمارِ الضراعةِ عشبةَ الغَيماتِ‏؟؟..

مُرِّي يا سَحابةُ في فناءِ دَمي‏ ولو أُكذوبةً‏ فيدايَ بارِدَتانِ من نيرانِ خَوفي.‏

مُرِّي على قلبي كَمَا ريحانةٌ‏ ليُضيءَ في خفقاته وردٌ ومسكُ..‏

لا صَوتَ أَوحشُ من صدى المنفى‏ سوى نوحِ اللَّيَالي..‏

لَنْ يُهيلَ الحلمُ في عتباتِ نومي الفَوضَوِيِّ‏ سوى المزيدِ مِنَ الضَّجيجِ‏..

لذا امتثلتُ لحبرِ قافيتي المُرَاوغِ‏.. ليسَ لي صدرٌ سواهُ..‏

أَدُقُّ أجراسَ الصُّراخِ‏ على غَلائِلِهِ وأَشكو.‏.

لَنْ أَستعيدَ بغيمةٍ‏ يا قلبُ دفءَ الرُّوحِ..‏

هذا الوقتُ ثلجٌ‏.. لا يُسَرِّبُ من أَديمِ جليدِهِ‏ باقي الفُصولْ.‏.

آثرتُ ألاَّ أَشتهي‏ ثُقباً بجدرانِ الظَّلامِ‏

فَأيُّ طعمٍ لاستباقِ البَابِ‏ ما دامَ القميصُ مُمَزَّقاً حتَّى الثمالةِ‏؟..

أيُّ طعمٍ للخروجِ‏ من الجُنونِ إلى الذُّهولْ؟!.‏.

آثرتُ أَنْ يَبقى حضوريَ غَارقاً‏ حَدَّ الغيابِ بنهرِ ذاكرتي..‏

لأُغريَ شمعةَ الماضي‏ الممدَّدِ فوق روحي بالذبولْ.‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *