إسرائيل تتوسع على جثث الغزاويين الجوعى
زينب عدنان زراقط
هناك إمعانٌ في تنفيذ المؤامرة الإسرائيلية الأمريكية لتهجير سكان غزة، الموساد الإسرائيلي في واشنطن، والخطة اكتملت، والدول الراعية للمهجرين الغزاويين حددوا، ومن بعد ضغط التجويع والموت، وقفاً لإطلاق النار قريب وبدء التنفيذ..
ما هي تفاصيل مخطط تهجير سكان غزة وآلية تطبيقه؟ وأين خفايا إسرائيل الكبرى وراء هذا المشروع؟
تهجيرٌ أو موتٌ من الجوع
مخطط تهجير سكان غزة طرحه سابقاً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنه أُخفي عن الرأي العام. إلا أن التخطيط لهذا المشروع جارٍ من ديسمبر 2023 من خلف الكواليس. الآلية كانت استهداف مقومات الحياة من سكان وغذاء، وبعد إتمام الدمار الكلي للقطاع بدأت سياسة التجويع حتى الموت.
بمشاركة ضباط ورجال أعمال إسرائيليين، تم استبدال المنظمات الدولية المتخصصة في توزيع المساعدات بشركات خاصة مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، بهدف التحكم الكامل في الموارد الحيوية. فقد استطاعت إسرائيل بالتعاون مع جهات أمريكية، بما في ذلك شركات استشارية كبرى مثل The Boston Consulting Group أو اختصاراً BCG هي شركة استشارات إدارية عالمية لها مكاتب في 42 دولة ويقع مقرها الرئيسي في بوسطن؛ إلى السيطرة على المساعدات الإنسانية واستخدامها كسلاح لتجويع أهل غزة وفرض سياسات التهجير القسري.
تُظهر الوثائق المُسربة من الشركة أن هناك خططاً مالية معقدة وضعت لتهجير الفلسطينيين، وتوفير حوافز مالية لهم مقابل مغادرة غزة، مع سيناريوهات مختلفة لعدد المهجرين وتكاليف إعادة التوطين خارج القطاع، ودور شركات أمنية أمريكية ومرتزقة في ضمان السيطرة على مراكز توزيع المساعدات، مع تسجيل حالات استهداف وقتل للفلسطينيين المنتظرين لتلك المساعدات. ولقد تسبب المخطط الصهيوني الأمريكي في معاناة الأطفال الفلسطينيين والتجويع المتعمد حتى الوفاة، بينما تشير وكالات الإغاثة مثل الأونروا، أنها تمتلك مخزوناً غذائياً كافياً لكنه محجوز بسبب الحصار الإسرائيلي الذي يمنع إدخال المساعدات إلى القطاع.
وهنا تُطرح تساؤلات مهمة حول استمرار سكوت الدول العربية وعدم ممارستها أدنى الضغوط الحقيقية على إسرائيل لوقف هذه الجرائم، حتى مصر لم تسمح حتى اللحظة بفتح “معبر رفح” لمرور المساعدات، أما المخزي والمعيب هو موقف دول الخليج الذين يدعمون الاحتلال جهرةً بالمساعدات بكل أوجهها حتى اللوجستية والأمنية والاستخباراتية، خصوصاً الإمارات؛ التي ما انفكّت أيضاً عن إرسال المؤن الغذائية لتراجع الزراعة في الشمال الإسرائيلي.
مخطط إسرائيل الكُبرى
في 18 يوليو 2025، قام ديفيد بارنياع، مدير جهاز الموساد الإسرائيلي، بزيارة إلى واشنطن بهدف نيل دعم الإدارة الأمريكية على آخر إنجازات مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، بعد التنسيق مع إثيوبيا وإندونيسيا وليبيا الذين أبدوا انفتاحاً إزاء فكرة استقبال الفلسطينيين المهجرين.
هذا المشروع المسمى “أورورا” Aurora (الشفق القطبي)، يهدف إلى السيطرة على المساعدات الإنسانية وتوزيعها عبر شركات خاصة بدلاً من المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، ما يسمح للاحتلال باستخدام الغذاء والدواء كسلاح ضد سكان غزة. حيث تم تطوير خطة لتفويض شركات خاصة لتوزيع المساعدات، وبدأ التعاون مع ضابط سابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية “CIA” فيليب رايلي، الذي أسس شركات لعبت دوراً كبيراً في السيطرة على المساعدات وتأمين مراكز التوزيع. شركة Boston Consulting ساعدت في تطوير الخطط المالية لهذا المشروع، وأجرت دراسات لتقدير تكلفة تهجير الفلسطينيين، مع افتراضات لتقديم حوافز مالية تصل إلى 9000 دولار لكل شخص مقابل مغادرة غزة، بالإضافة إلى دعم إيجار السكن والإعانات الغذائية. بلغت تكلفة التهجير المحتملة وفقاً لهذه الدراسات حوالي 5 مليارات دولار، مع سيناريوهات مختلفة تشمل تهجير نصف سكان غزة أو ربعهم، مع توقع أن معظم المهجرين لن يعودوا.
على الرغم من ذلك، فإن هذه الخطط تواجه رفضاً واسعاً خصوصاً مع الفضائح التي ظهرت بعد تسريب بعض تفاصيلها إلى الصحافة، لكن الخطر بقيَ مُحدقاً، إذ تتواصل السياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها عبر الحصار والتجويع، حيث يُمنع دخول المساعدات على الرغم من وجود مخزون غذائي كافٍ لدى الأونروا يزيد عن ثلاثة أشهر، بينما الغزاويين تُركوا للموت البطيء جوعاً.
مشروع تهجير سكان غزة وأحداث السويداء في الجنوب السوري والنقاط المحتلة في الجنوب اللبناني، تصبُّ ضمن مخطط واحد، يُعاد تسليط الضوء عليه وهو “ممر داوود”. الذي يمتد من الجولان السوري المُحتل، مروراً بمحافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، ومن ثمَّ منطقة التنف وصولاً إلى أراضي شرق الفُرات السوري ومن هناك يتم الربط مع إقليم كُردستان العراق، ما يضمن السيطرة الإسرائيلية على الحدود السورية والفلسطينية المُحتلة مع لُبنان وخصوصاً جبل الشيخ والسيطرة على الحدود السورية مع الأُردن والعراق، ما يؤمّن الفرصة لإسرائيل للسيطرة على مساحة شاسعة من الأراضي بين مرتفعات الجولان المُحتلة ومنطقة الفُرات ما يُشكّل الظروف المُناسبة للكيان لتحقيق الهدف النهائي الذي صاغه “ثيودور هرتزل” مؤسس الصهيونية السياسية الحديثة، وهو إقامة “إسرائيل الكُبرى”.
في مقلبٍ آخر صعَّدت سلطات الاحتلال من خطواتها التهويدية بحق المقدسات الإسلامية، وصولاً إلى القرار الذي كان من الواضح أن كل المعطيات تشير إليه كمصير محتوم، إذ كشف الإعلام العبري عن صدور قرار بنقل صلاحيات الإشراف على الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، من بلدية الخليل ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية إلى “المجلس الديني اليهودي” التابع لمستوطنة كريات أربع، المقامة على أراضي المدينة.
ولا يمكن فصل هذه الإجراءات بحق الحرم الإبراهيمي عن السياق المتسارع لحسم الصراع مع الشعب الفلسطيني، والذي يشمل تهويداً شاملاً لكل المقدسات، بالتوازي مع سياسات التوسع الاستيطاني ومحو الهوية الفلسطينية الجمعية. وهو مسار يضع المسجد الأقصى في قلب العاصفة، في ظل غياب استراتيجية فلسطينية جادة للمواجهة، تتجاوز حدود التصريحات والتنديدات.
كلمة أخيرة، المشكلة لم تكن يوماً من الإسرائيليين وحدهم ولا من الغرب كلّه الداعم لهم، بل هي من خيانة العرب وتآمرهم على بعضهم، فرهنوا أنفسهم عبيداً لأجل كُرسي رياسة فعرّاهم من جلودهم وإنسانيتهم. لم يكن ليجري كُل ما يحدث في غزة الآن لولا خنوع البلدان العربية المجاورة والانصياع التام عند رغبة الأمريكي والصهيوني. أُمّةٌ بملياري مُسلم لم يرف لهم جفن لما يحدث على مليوني شخص حوصروا في مساحة تبلغ حوالي 5 كلم مربع وهي تقريباً10% من إجمالي مساحة قطاع غزة. حتى أن المستوطنين داخل إسرائيل تظاهروا في تل أبيب ضدّ سياسة التجويع التي ينتهجها نتنياهو ضد أهل غزة وحملوا صور الأطفال (الذين بهيئة هياكل عظمية) ونددوا بأفعاله، لكن حكّام العرب الذين صرفوا شيكات الملايين والتريليونات من الدولارات لترامب لكنهم لا يسمعون أنين “البطون الخاوية” والزفرات الأخيرة ما قبل الموت جوعاً…
من يضمن لهؤلاء الحكام والأمراء العرب الذي اصطفوا خلف الإسرائيلي بقاء عروشهم، ألاَ يوجد أحرار في شعوبهم؟ أم هم يظنون أنهم سيسلمون من أطماع الصهيوني نفسه الذي سيلتهم كل شيء؟.
