إقليميات

مرحلة رابعة من التصعيد البحري اليمني.. نحو المزيد من الخنق “لإسرائيل”

بقلم نوال النونو

ينتقل اليمن إلى خطوة أكثر ايلاماً في عملياته المساندة لغزة، وإحكام الحصار المطبق على ملاحة كيان العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر.

 وفي جديد التطورات، أعلنت القوات المسلحة اليمنية بشكل مفاجئ عن تدشين المرحلة الرابعة من تصعيد الحصار البحري على ملاحة العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر والعربي وغيره.

وأوضح المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع أن قرار التصعيد جاء نظرًا للتطوراتِ المتسارعةِ في فلسطينَ المحتلةِ، وتحديدًا في قطاعِ غزةَ، من استمرارٍ حربِ الإبادةِ الجماعيةِ، واستشهادِ الآلافِ من أبناءِ الشعب الفلسطينيِّ الشقيقِ جرّاءَ العدوانِ والحصارِ المستمرِّ منذ أشهرٍ، وفي ظلِّ صمتٍ عربيٍّ وإسلاميٍّ وعالميٍّ مخزي.

وبحسب البيان، فإن المرحلة الرابعة تشمل استهداف كافةِ السفنِ التابعةِ لأيِّ شركةٍ تتعاملُ مع موانئِ العدوِّ الإسرائيليِّ بغضِّ النظرِ عن جنسيةِ تلك الشركةِ، وفي أيِّ مكانٍ تطالُه أيدي القواتِ المسلحةِ، موضحاً أن أي سفينة تتعامل مع كيان الاحتلال ستتعرض للاستهداف بغضِّ النظرِ عن وجهتِها، وفي أيِّ مكانٍ يمكنُ الوصولُ إليهِ أو تطالُه صواريخُنا ومسيراتُنا.

وأشعل هذا الإعلان خلال الأيام الماضية وسائل الإعلام اليمنية والعربية والدولية، متسائلين عن الخطوة القادمة لليمن، وما الذي يمكن أن يقدمه في سبيل إنقاذ الشعب الفلسطيني “المجوع” في قطاع غزة، لا سيما وأنهم يدركون أن اليمن لا يقدم على أي خطوات إلا بعد الإعداد الجيد لها، والاستعداد التام للمواجهة.

وفي خطابه الأسبوعي الخميس الماضي أكد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن الإعلان عن المرحلة الرابعة، التي تعني استهداف سفن أي شركة تتعامل مع العدو الإسرائيلي وتنقل له البضائع، سيتم طالما تمكنت القوات المسلحة من الوصول إليها، مؤكداً أن المسؤولين الصهاينة يعترفون بالهزيمة بعد إجبارهم على إغلاق ميناء أم الرشراش، وكذلك وسائل الإعلام الغربية.

مفاجآت كبيرة

وفي قراءة عسكرية للإعلان، يؤكد قائد قوات الدفاع الساحلي اليمني اللواء الركن محمد علي القادري أن اليمن قد تمكن خلال عقد من الزمن من بناء قوة بحرية محترفة وقادرة على حماية سيادته البحرية وتأمين الممرات الدولية، وذلك على الرغم من العدوان والحصار المستمر، مشدداً على أن اليمن يمتلك “مفاجآت كبيرة” في المرحلة الرابعة من التصعيد ضد الكيان الصهيوني وحلفائه.

وتدرجت المراحل اليمنية في الحصار على ملاحة العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر، لكن لم يتم الإعلان عنها رسمياً مثلما هو الحال في المرحلة الرابعة، ما يعني أن العمليات المقبلة ستكون قوية وموجعة للعدو، وخصوصاً أن آخر عمليات في المرحلة الثالثة تم فيها إغراق سفينتين بالكامل في البحر الأحمر، نظراً لمخالفتهما القرار اليمني، وتوجهما إلى ميناء “ايلات” جنوبي فلسطين المحتلة.

ويرى اللواء القادري أن اليمن نجح في “فرض معادلة ردع منخفضة الكلفة، والتي أربكت البحرية الأمريكية بشكل واضح”، مشدداً على أن لديهم “خيارات متعددة في منع مرور أي سفينة من أي جنسية كانت أو تابعة لأي شركة مالكة أو شركة مشغلة تتعامل مع الكيان.

ويشير إلى أن القوات البحرية اليمنية قد أحكمت اليوم سيطرتها على البحر الأحمر وفرضت حصاراً فعالاً على الملاحة المرتبطة بالاحتلال دعماً لغزة، وهذا يعكس قدرات البحرية اليمنية في تحدي القوى الكبرى وفرض معادلات جديدة في واحد من أهم الممرات الملاحية في العالم.

تحدي استراتيجي

ويعد الإعلان عن المرحلة الرابعة من التصعيد البحري ضد العدو الصهيوني تحدياً استراتيجياً كبيراً، فالقرار لم يأت بهدف الدعاية الإعلامية، أو الاستهلاك الكلامي، وإنما جاء بعد دراسة مستفيضة، أشار إليها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاب له الخميس قبل الماضي، ما يعني أنها خطوة يدرك اليمنيون تبعاتها، وأهميتها، ومخاطرها، ومدى تأثيرها على العدو الإسرائيلي.

ويأتي هذا الإعلان، ليضع الشركات العالمية الكبرى أمام مخاطر جديدة، فيكفي أن تصل سفن أي شركة إلى الموانئ الصهيونية في فلسطين المحتلة، لتكون هدفاً سهلاً للبحرية اليمنية سواء في البحر الأحمر أو العربي، الأمر الذي يدفع هذه الشركة للتفكير بجدية في القرار اليمني، وبالتالي تكون أمام خيارين، إما مواصلة التعامل مع موانئ العدو وهذا يعرضها للاستهداف من قبل اليمن، أو التوقف عن الإبحار إلى كيان العدو، وهذا سيعصف بالاقتصاد الصهيوني، وسيسبب له الكثير من الخسائر، وهنا تكمن أهمية المرحلة الرابعة من الحصار اليمني على كيان العدو.

وبحسب خبراء عسكريين فإن هذه المرحلة تهدف إلى إحكام الحصار على ميناء حيفا، فإذا تمكنت اليمن من توجيه ضربات قوية للسفن التي تتعامل مع كيان العدو في البحر الأحمر، فإنها ستفكر ألف مرة بعواقب تعاملها مع الكيان الصهيوني، وهذا يؤدي إلى فرض حصار على ميناء حيفا كما حدث لميناء “ايلات” الذي أعلن توقفه عن العمل وافلاسه.

ويأتي الإعلان عن انطلاق المرحلة الرابعة من التصعيد في لهجة أكثر حدة من ذي قبل، فبعد رصد معلوماتي دقيق عن الشركات التي تتعامل مع الكيان المؤقت بما فيها شركات عربية وإسلامية فإن اليمن وقواته البحرية يعلنون عدم التغاضي هذه المرة، والدخول إلى مرحلة الاستهداف، وهنا لا نستبعد أن تكون شركات ذات صلة بتركيا ومصر والسعودية في دائرة الاستهداف، لا سيما وقد ثبت تعاملها مع كيان العدو بوتيرة عالية رغم التجويع والتعطيش في غزة.

ستكون هذه المرحلة إن نجحت في تحقيق أهدافها، أحد أبرز عوامل الضغط على الكيان الصهيوني لإيقاف عدوانه ورفع حصاره الخانق على قطاع غزة، وهي بالتأكيد ستعطي المفاوض الفلسطيني نقطة قوة للضغط نحو تحقيق أهداف المقاومة، وهي مرحلة يدرك العدو الإسرائيلي مدى حساسيتها وخطورتها على اقتصاده إذا ما استمر طويلاً في العدوان والحصار على غزة، ولم يجد الوسيلة المناسبة لإيقاف اليمنيين والحد من عملياتهم النوعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *