رسائل اليمنيين للبنان.. سلاح المقاومة شرف للأمة
بقلم نوال النونو
يتابع اليمنيون الشأن اللبناني باهتمام بالغ، وكأن ما يحدث في بيروت يحدث في صنعاء، فالأحداث مترابطة، ومخطط الأعداء على فلسطين ولبنان يمضي على اليمن، وبوتيرة قد تكون أشد وأقوى في المراحل المقبلة.
وخلال الأشهر الماضية، حضر سلاح المقاومة كواحد من أبرز الملفات ذات الحساسية العالية، فالأمريكي الذي يقود الحملة بدعم مالي وإعلامي خليجي كبير يرى أن إيقاف العدوان في قطاع غزة لن يتحقق إلا إذا سلمت حماس وباقي حركات المقاومة في فلسطين سلاحها، ثم إن المنطق ذاته يتم تسويقه في لبنان، فالضغط الأمريكي قد حشر الرئيس اللبناني وحكومته في الزاوية الضيقة، وباتت المطالبة بنزع سلاح حزب الله تتم بطريقة فجة ووقحة وفي الغرف المعلنة جهاراً نهاراً.
ولعل أكثر ما يعتصر قلوب اليمنيين هي الأصوات النشاز التي تنطلق من لبنان وتتحمس للمطالب الأمريكية، وتطالب حزب الله بنزع سلاحه، متجاهلين ما قدمته المقاومة اللبنانية من تضحيات جسيمة لحماية لبنان من الخطر الصهيوني الباغي، ولولا حزب الله لكانت بيروت اليوم مغتصبة صهيونية يديرها المجرم نتنياهو، لكننا أصبحنا في زمن اللاعقل واللامنطق.
وينتقد زعيم أنصار الله السيد القائد عبد الملك الحوثي فكرة وأطروحة نزع سلاح المقاومة في لبنان وفلسطين، التي طُرحت مؤخراً في مؤتمر حل الدولتين في نيويورك، وما تمخض عنها من تصويت للحكومة اللبنانية حول السعي لنزع سلاح حزب الله، معتبراً هذه الفكرة “غبية” بكل ما تعنيه الكلمة.
ويرى السيد الحوثي أن أطروحة نزع السلاح تتناقض مع الفطرة والمحسوسات والمشاهدات، وليس لها أي مستند أو اعتبار، قائلاً: “الطرح الغبي لبعض الأنظمة العربية بشأن تجريد الشعوب من الأسلحة ليس له أي مستند إطلاقاً سوى أنه مطلب إسرائيلي أمريكي”.
ويركز السيد القائد هنا على مسألة الوعي، وعلى ضرورة انتباه الأمة لمخططات الأعداء، فما معنى أن يتم تجريدك من السلاح؟ وما معنى أن تصبح الأمة بلا سلاح؟ في حين أن عدوها الأول، الصهيوني، يمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة، بما فيها الأسلحة النووية، ومخازن أمريكا مفتوحة له باستمرار، والطائرات والسفن الحربية لا تتوقف عن نقل الأسلحة إليه، وهو بدوره يقوم بالمهمة على أكمل وجه، فكل الأسلحة الفتاكة الأمريكية وغيرها التي تصل إليه يرميها بكل وحشية على رؤوس المدنيين في لبنان وفلسطين، ويدمر بها المنازل والشوارع والطرقات والأحياء، ولا يكلف نفسه عناء اغتيال القادة حتى ولو استخدم قنابل تزن ألفي رطل كما حدث في اغتيال شهيد الإنسانية سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
ولهذا فإن السيد الحوثي يرى أن من السذاجة أن يُقال للمعتدى عليه والمظلوم والمحتلة أرضه أن تكون بلده بلا سلاح، وأن يُجرَّد حتى من أبسط الأسلحة التي بحوزته، مذكراً العرب والمسلمين بأن اليهود الصهاينة منفلتون تماماً ومتوحشون، الأمر الذي يتناقض مع هذه المطالب الانهزامية المتواطئة، والقول للمقاومة وأحرار الأمة: “عليكم أن تتجردوا من أي إمكانيات تمثل قوة لدفع هذا الخطر”.
نزع سلاح المقاومة يخدم الأعداء
وتتكامل الرؤية لدى اليمنيين بشأن نزع سلاح المقاومة، فكل المسؤولين والإعلاميين والناشطين يرون أن نزع السلاح يشكل خطراً ليس على لبنان وفلسطين فحسب، وإنما على الأمة بأكملها.
ويؤكد رئيس المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، المشير الركن مهدي المشاط، أن ما يجري اليوم من حملات سياسية وإعلامية لسحب سلاح المقاومة لا يمكن قراءته إلا كجزء من مخطط صهيوني مدروس يهدف إلى إخراج المقاومة من الحاضنة الشعبية وجعل لبنان ومقاومته الباسلة لقمة سائغة للعدو الصهيوني وأطماعه.
ويذكر الرئيس المشاط الشعب اللبناني بالذكرى التاسعة عشرة للانتصار العظيم في حرب تموز 2006، مؤكداً أن تلاحم الشعب والجيش والمقاومة جعل من لبنان قوة لا يستهان بها وصمام أمان لكل لبنان، وهو ما يسعى إليه كيان العدو الإسرائيلي الآن من خلال محاولة كسر هذا التلاحم بإشعال نار الفتنة والطائفية لجعل لبنان مستسلماً.
ويستغرب رئيس مجلس النواب اليمني، الشيخ يحيى الراعي، من الدعوات الوقحة لنزع سلاح المقاومة في لبنان، مؤكداً أن حزب الله قدم نموذجاً مشرفاً في مواجهة العدو الصهيوني لم تقدمه الجيوش العربية مجتمعة، مجدداً التأكيد على موقف اليمن الداعم للبنان ومقاومته الباسلة ضد مخططات الأعداء الرامية إلى استهدافه بكل الوسائل.
كل القراءات لدى اليمنيين هي ضد نزع سلاح حزب الله، وهم على العكس تماماً من النظام السعودي وحكومته وإعلامه الذين لا يتوقفون ليل نهار عن المطالبة بنزع سلاح المقاومة، وكأن هذا السلاح خنجر مسموم في صدورهم، في تماهٍ واضح ومفضوح مع العدو الإسرائيلي.
يدرك اليمنيون وجمهور المقاومة أن الأسلحة التي دمرت الأمة وفتكت بها ليست أسلحة المقاومة، وإنما هي الأسلحة الأمريكية الصهيونية السعودية الإماراتية. فاليمن، على سبيل المثال، تم قصفه بنصف مليون غارة من قبل السعودية والإمارات والداعم الرئيس أمريكا، وغزة أُبيدت بالكامل، ولبنان لم يسلم من القصف المتوحش، وسوريا الآن تُباد وتُدمر بالسلاح الجولاني التكفيري. ومع ذلك، يُراد لهذه الأمة أن تكون خاضعة مستسلمة منهزمة كي تتلقى الضربات دون أن تكون لها إرادة الرد أو الدفاع عن النفس.
القرار الحكيم والمناسب هو أن تمتلك هذه الأمة السلاح، فاليمن عندما امتلك الصواريخ الباليستية تمكن من إيقاف توحش بن سلمان وغاراته على المدنيين، ولو لم يكن لليمنيين سلاح، لكانت السعودية حتى لحظة كتابة هذا التقرير تواصل دمويتها ضد اليمنيين بلا خجل أو حياء.
وكشعب لبناني حر، فإن خيار الاستسلام غير وارد في قاموسه، وهو يدرك كلفة التخلي عن سلاحه، ويدرك أن المصير المحتوم إذا فرط بذلك سيكون مشابهاً لما حدث للعلويين والدروز في سوريا. ومن لا يستفيد من دروس الآخرين فهو أحمق بكل ما للكلمة من معنى.
