مؤتمر موسع لعلماء اليمن.. دعوة للتمسك بالسلاح وتجريم الصهيونية
بقلم نوال النونو
يبرز الموقف اليمني المساند لغزة بصورة متكاملة، فالأنشطة الشعبية لا تتوقف، والمظاهرات المليونية تتواصل يوم الجمعة من كل أسبوع، وبمسار متصاعد تتواصل عمليات القوات المسلحة اليمنية في عمق كيان العدو الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما يستمر الحصار على الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر.
ويعدّ المؤتمر السنوي لعلماء اليمن، الذي انعقد الأربعاء الماضي في العاصمة صنعاء، من أبرز الفعاليات اليمنية المساندة لغزة خلال الأسبوع الماضي، فقد اجتمع العلماء من معظم المحافظات اليمنية، وشاركهم علماء من محور المقاومة، متناولين (موقف علماء الأمة تجاه حرب الإبادة والتجويع في غزة ومخطط إسرائيل الكبرى).
ما يميز المؤتمر أن انعقاده أتى في ظرف حساس تمر به المنطقة في ظل الطغيان الصهيوني على غزة، واستمرار تجويع وتعطيش سكانها، والمخططات التي تحاك ضد لبنان وبقية الدول العربية، بعد إفصاح المجرم نتنياهو عن نيته في السيطرة على المنطقة تحت ما يسمى “إسرائيل الكبرى”، وما رافق ذلك من صمت عربي مريب.
ولهذا، جاءت كلمة مفتي الديار اليمنية، العلامة شمس الدين شرف الدين، لتصب في هذا الاتجاه، معتبراً أن أعظم بيان هو كلمة الحق في مواجهة أعداء الله ورسوله والإنسانية والإسلام، ومؤكداً أن الدور الكبير الملقى على عاتق العلماء يكمن في تحريض المؤمنين على الجهاد في سبيل الله نصرة للمظلومين ومواجهة الأعداء والمستكبرين والظالمين بقيادة أمريكا وإسرائيل.
وينبه مفتي اليمن إلى نقطة مهمة، وهي سكوت الكثير من علماء الأمة عمّا يجري في غزة من قتل وتجويع وحصار وتدمير، مخاطباً الحاضرين بقوله: “أنتم روح الأمة، ويجب أن تكونوا حاضرين، ولولا الضعف والهوان لما استعلت أمريكا وإسرائيل على الأمة العربية والإسلامية”، موجهاً رسالة إلى المقاومة الإسلامية في غزة بأن التاريخ لن ينسى جهادكم وما قدمتموه من بطولات وتضحيات، ولن يضركم المتخاذلون.
وجاءت كلمة نائب رئيس الوزراء اليمني، العلامة محمد مفتاح، لتفتح جراحاً غائرة في جسد الأمة، متسائلاً عن سبب الهوان والذل الذي أصابها وهي تواجه قوى الاستكبار العالمي، أمريكا وإسرائيل، مخاطباً العلماء الحاضرين بقوله: “أنتم تتحملون مسؤولية التوعية والفتوى والإرشاد والتوجيه، ولكم الشرف في ذلك، وهو ما يحفزنا في العمل مهما كانت أشغالنا أن نجعل أعمالنا في طاعة الله في التوجيه والإرشاد والفتوى والتوعية والتثقيف”.
ووجّه العلامة مفتاح دعوة هامة لعلماء الأمة بتجريم الصهيونية وقادتها، مؤكداً أن “المنظومة الصهيونية ارتكبت أبشع الجرائم بحق الإنسانية على مدى قرن من الزمن، وتحمل مشروع الإفساد في الأرض والانحلال للبشرية”، منوهاً بأن تخاذل الأنظمة العربية والإسلامية تجاه ما يجري في غزة إنما هو من أجل الصهيونية وخدمة أجندة الصهاينة، معتبراً ذلك عاراً على النخب الصامتة، وعاراً على العلماء أن يسكتوا على ذلك.
وتنوعت كلمات العلماء وتعدّدت، لكنها توحدت حول هدف واحد وهو التحذير والانتباه من المخططات والمؤامرات الصهيو/أمريكية التي تحاك ضد الأمة وتستهدف هويتها وعقيدتها، ما يتطلب اضطلاع العلماء بدورهم في مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار، داعية العلماء إلى أن يصدعوا بكلمة الحق ولا يخشون في الله لومة لائم، فدورهم مهم جداً في تعزيز الوعي والإرشاد، وفضح جرائم العدوان الصهيوني في قطاع غزة.

المقاومة أعطت دروساً في الجهاد في سبيل الله
ولم تقتصر المشاركة على علماء اليمن فحسب، فقد أتيح لعدد من العلماء في محور المقاومة المشاركة عبر تقنية الفيديو، فكانت كلمة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة من لبنان، الشيخ ماهر حمود، من أبرزها، حيث أكد أن “اليمن السعيد أسعد الجميع بمواقفه وتصريحات قائده السيد عبد الملك الحوثي في نصرة المستضعفين”، معبراً عن سعادته بمشاركته في المؤتمر السنوي لعلماء اليمن، ومشيداً بموقف علماء اليمن ووقوف اليمنيين إلى جانب محور المقاومة في نصرة المستضعفين في فلسطين وإسناد غزة.
وأثنى الشيخ ماهر حمود على موقف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي الداعم لفلسطين والمساند لغزة، وقال: “إن المقاومة ما تزال باقية من اليمن وطهران ولبنان وغزة التي أعطت دروساً في الجهاد في سبيل الله لن تمحى من التاريخ”، مواصلاً حديثه بالقول: “من قلب الألم وفوق الدمار، نستبشر بوعد الله ونستقرب النصر بإذن الله تعالى”.

توصيات المؤتمر
وصدر عن المؤتمر عدد من التوصيات، أبرزها الدعوة إلى نبذ كل أشكال الفرقة والشتات، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة المخاطر والمؤامرات التي تواجه الأمة.
كما أدان العلماء جرائم العدو الصهيوني في غزة والضفة ولبنان وسوريا واليمن، واستخدامه “سلاح التجويع” بهدف الضغط والتهجير، مؤكدين أن “تقاعس المسلمين” من أنظمة وشعوب وجيوش وعلماء عن نصرة غزة يُعد جريمة، معتبرين أن التطبيع مع كيان العدو الصهيوني جريمة تتضاعف حرمتها باستمرار إجرامه ومجازره، وإعلانه الصريح عن مخطط “إسرائيل الكبرى”.
وأشار بيان المؤتمر إلى نقطة هامة، وهي حرمة التخاذل والتهاون، فضلاً عن حرمة التواطؤ وعقد الصفقات مع العدو الصهيوني بأي شكل كان، داعياً الأنظمة التي تساند كيان العدو الصهيوني وتدعمه بالبضائع أو السلاح إلى سرعة التوبة وقطع العلاقات.
وأدان العلماء “كل مظاهر العبث والإسراف وإعطاء تريليونات الدولارات إلى عدو المسلمين”، في الوقت الذي يموت فيه الناس في غزة جوعاً وعطشاً، مؤكدين وجوب التمسك بسلاح المقاومة في غزة ولبنان وسائر بلاد المسلمين، ومنددين بمحاولات بعض الأنظمة العربية لتجريد الأمة من عناصر قوتها ونزع سلاحها خدمة لـ “العدو الصهيوني”.
