آخر الكلام

سيُطِلُّ وجهُك من سنا قلبي الحزين “إلى الإمام موسى الصدر في ذكرى تغييبه”

بقلم غسان عبد الله

هل كنت ساريتي؟؟.. وأنْشُجُ، آهٍ أسهو،

كم تمنيتُ العشايا أنّ رأسكَ عند‏ صدري،

 آه يا عمري المخضّب بالبنفسج والأثيرْ‏.

سيرفُّ هَدْبُكَ مثلَ أشرعتي، آهِ،‏ يكويها الصقيع،

أشرعتي تبكي وقلبي خُلِّعَتْ أبوابُهُ‏ ودمي غديرْ‏..

أم يا ترى تتذكَّرُ ملامحي الغبراءَ‏ كيف تهشّ حين يهلُّ وجهُكَ من فضاءِ الغيبِ‏..

كيفَ العمرُ كان وكنتَ ساقيتي وأغنيتي وساريتي..‏

هل كنتَ ساقيتي، هل كنتَ أغنيتي،‏ هل كنتَ ساريتي؟؟‏

أم أنّني كنتُ ألصُّ العشقَ في وجلٍ‏ لأروي أرضيَ العطشى

وأدفنُ وجديَ خلف الستائرِ‏ في ظلام الليل أزهو بالحنين‏..

سيطلُّ وجهُك من سنا قلبي الحزينْ؟‏

أم أنتَ أمعنتَ الغيابَ ممجَّداً‏ في عمري المقهور يجهَشُ بالظنونْ؟.

من أين أشرَقَ وجهُكَ الساجي؟..‏

نسيتُكَ يا ترى؟!!.. أبداً…‏ وهل تنسى الجذوع نسوغها العطشى‏؟!..

وهل تنسى النجوم بريقها الساري؟..‏ وهل تنسى المياهُ النبعَ والشطَّ الحنونْ‏؟!..

أبداً… ولكنَّ المرافئَ أُغلقتْ‏.. وزنابقَ الروحِ الخضيلةَ صُوّحتْ‏

مذ غَادَرَتْ خطواتُكَ الوجلى محطاتِ الفؤادْ صرتُ احتراقَ العمرِ في الزمنِ الرمادْ‏..

كالطائر المسحور‏ تقذفه المدائنُ للخرائبِ.. والخرائبُ للمدائنْ‏..

الأفقُ مصيدةٌ يكوّنها الغبارُ‏.. الضوءُ نافذةٌ يسكّرها العجاجُ، زفيرُ آلاف المداخنْ‏..

وأنا، وأنت قصيٌّ،‏ أرتجُّ من ألمي لدى ألمي..

وأَسري من ذرى شجني على زمني‏.. وأرحلُ من كوى وطني إلى وطني..

من أين أشرقَ وجهُكَ الساجي؟‏ نسيتُكَ يا ترى؟‏

أبداً… ولكنَّ الدروبَ تباعدتْ‏.. وغصونُ حقلي في الشتاء تقصّفتْ‏..

فأردتُ تورية الشجونِ‏ لدى بلادٍ سامها زبد النضارْ‏..

فتصاعدتْ من سدّة الشطآن آهات الترابِ‏.. تجنُّ في صمت الليالي الموحشاتِ‏..

تموء في ألق النهارْ:‏ يا أيها الألقُ المحمَّلُ زنبقاً،

توتاً وحلوى‏ ياسميناً، ضحكةً تزهو على حلم الصغارْ‏.. لا الصيفُ يُنْكِرُ وجهَكَ الرائعَ..‏

ولا مطرُ الشتاءِ ولا خريفُ الشوق والدمعُ النثارْ‏.. أين الرحيلْ‏؟!..

يا بنَ ابتسامِ الدَّمْعِ، ريحانَ التلال‏ وضحكةَ الآتين من روحِ الصباحِ‏

وهمسَ ساقيةٍ على صدرِ السهولْ‏..

فوأدتُ أحلامي وأنتَ قصيٌّ وصعدتُ من ألمي على ألمي‏..

وبكيتُ من شجني على زمني‏.. ورحلتُ من وطني إلى وطني‏.

من أين أشرقَ وجهُكَ الساجي؟‏ نسيتُكَ يا ترى؟‏

أبداً… ولكنّ الدموع تحجّرتْ‏.. وسنابلُ الزمن الجميلةِ قُطّعتْ‏!..

فأردتُ أن أبكي،‏ فحاصرني الحنين إليكَ..

غسَلَ دمعي الأنهارَ..‏ من منّا الحزين؟.. أنا؟ أم الأنهارُ؟

وسَّدَتْني على ضفافها..‏ أسقتني حليبَ الصبرِ

علَّمَتْني غداةَ الغورِ‏ أنَّ الصبرَ مرساةٌ ومرفأُ ضحكةٍ عذراءَ‏..

تُشرِقُ آنَ يرتعشُ المغيبُ على شغاف الماءِ‏.. والمتفرجون يقهقهون تشفّياً‏

خشب يسنّد بعضه‏ من ذا سيسقي الآخر الحبّ القراح‏ ضحل هو الوتدُ‏..

أنت مغيَّبٌ ترنو إلى زمن مضى..‏ من أين سوف تهلّ بارقةُ الصباح“؟‏

فمسحت دمعي في المساءِ‏..

وأنتَ.. أنتَ قصيٌّ.. وصعدت من ألمي على ألمي‏..

وبكيت من شجني على زمني‏.. ورحلت من وطني إلى وطني‏.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *