الدول العربية تدعم “إسرائيل” والحكومة اللبنانية تستجدي رضاها
بقلم زينب عدنان زراقط
على وقع مظاهر المجاعة في “غزة” حيثُ يلفظ الغزيوّن أنفاسهم طلباً لرشفة ماء وكسرة خبز، ومن خلال بدء اجتياح القطاع كلّه وتهجير سُكانه، استكمالاً لمشروع “إسرائيل الكُبرى” التي تضمّ الأردن ولبنان وسوريا والعراق والسعودية ومصر.. تستمر فصول المؤامرة الكبرى.
لا القواعد العسكرية المُستحدثة في الجنوب السوري عند الحدود اللبنانية والتوغل العسكري عند ضفة الأردن وعند حدود سيناء – والمُضيّ قُدُماً -، ولا خناق الحشد الشعبي والحوثيين وحماس، جعلوا من ساسة الحكومة اللبنانية أن يعدلوا في موقفهم ويفهموا غاية العدو من نزع سلاح “حزب الله”، استفيقوا فالإسرائيلي عدوٌّ محتل ويمارس أبشع الجرائم الإنسانية، والأمريكي بالطبع ليس حمامة سلام!. هناك مشروع صهيوني باجتياح المنطقة بأسرها وإنشاء “دولة إسرائيل الكُبرى”!.
والعجب العجب من أن الدول العربية بدل من أن تنتفض وتثور على من يهدد أمنها وسلامها، هي تنصاع وتُسلّم رقبتها للجلّاد مُسبقاً دون أيِّ مُبادرةٍ للمقاومة. فهل تسليم سلاح المقاومة اليوم، – في ظل هذا الواقع الإقليمي والدولي – هو الخيار المفروض؟! أم هو انتحارٌ طوعيّ؟ وفي عزِّ مجاعة أهل “غزّة”، كيف يُطعم العرب “المستوطنين”؟! نعم العرب يطعمون الإسرائيليين!.
الحكومة اللبنانية تخدم مصالح العدو
من بعد ثمانية أشهر، وبعد حربٍ استنزفت لُبنان، لم تستطع حكومة “سلام” تحقيق أي إنجاز حكومي يُذكر سوى الإصرار على مشروع “تسليم سلاح حزب الله” المطلوب منهم أمريكياً، الذي يُعتبر ضرباً مباشراً لمنطق التوازن مع العدو الإسرائيلي. الحكومة الحالية تُتهم بمواصلة المسار التطبيعي خطوة بعد خطوة، على نهجٍ متكامل لتصفية السيادة الوطنية وضرب مقومات القوة اللبنانية. وفي تطور صادم للرأي العام اللبناني، يُمعنُ في خدمة العدو الصهيوني، أُعلن مؤخراً عن إطلاق سراح أسير إسرائيلي من أحد السجون اللبنانية دون قيد أو شرط، ما اعتُبر مؤشراً خطيراً على مدى انحدار القرار السيادي في لبنان، وانبطاح الحكومة الحالية أمام الإملاءات الأمريكية المُطالبة بنزع “سلاح حزب الله” دونَ شرط انسحاب الإسرائيلي ولا وضع حدٍ لاعتداءاته على لُبنان…
حتى أن التدخل الأمريكي لم يقتصر عند الإملاءات، بل تنقل معلومات حول وجود مطارات وأماكن أمنية يُقال إن الأمريكيين يديرونها بعيداً عن إشراف الدولة – وإنما بعلمهم -، وصولاً إلى اتهام السفارة الأمريكية بتحولها إلى مركز استخباراتي إقليمي. وفي سياقٍ مُتصل، وبناءً على وثائق مسرّبة تم الكشف عن خطة عسكرية أمريكية – إسرائيلية تحمل الاسم الرمزي “مطرقة الله” (Hammer of God) وقد نُسبت هذه الوثائق إلى المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي (DIIPETES) بقيادة الكاتب دينيس كوركودينوف، الذي أشار إلى أن الخطة صادق عليها البنتاغون، بالتعاون مع الموساد الإسرائيلي، وتستهدف بشكل مباشر تدمير البنية العسكرية لحزب الله في لبنان. تتضمن الخطة ثلاث مراحل رئيسية تبدأ بهجمات سيبرانية على المنشآت والبُنى التحتية، تليها عمليات إنزال خاصة لقوات النخبة في بيروت والبقاع لضرب مراكز القيادة، وتنتهي بقصف جوي وصاروخي مكثف باستخدام معلومات استخباراتية دقيقة زوّد بها الموساد بنسبة 85%، وتستهدف أنفاقاً، ومنصات صواريخ، ومدارس، ومستشفيات، ومرافق عسكرية. ووفقاً لهذه التسريبات، فإن الفترة الزمنية لتنفيذ الخطة تمتد بين نوفمبر 2025 ويناير 2026، مُشيراً إلى أن كُل المعلومات استندت على وثائق سرية صادرة عن البنتاغون وهيئة الأركان الأمريكية (JCS) وتقارير داخلية لجهاز الموساد. وما تزال بعض الفرق السياسية اللبنانية، يزعمون أن إسرائيل تريد السلام مع لبنان – وتركه وشأنه – ولا حاجة للمقاومة ولا لسلاحها لأن لا نية لديها للمساس بأرض لبنان أبداً!!.
العرب هم قتَلةُ “غزة” وأعداء المقاومة
على وقع “العمى” عينه، بينما يُصرّح وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كيرعي، عضو الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، خلال فعالية في منطقة 1E بالضفة الغربية المحتلة (الخميس، 22 أغسطس 2025) قائلاً: “ضفتي نهر الأردن، الغربية والشرقية، هما جزء من أرض إسرائيل” وفق صحيفة هآرتس. هذا التصريح الاستفزازي لم يأتِ بمعزل عن مواقف مماثلة أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه، بنيامين نتنياهو، قبل أيام فقط، حين قال: “أنا مبعوث العناية الإلهية لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.”
الأخطر من ذلك، هو التحذير من سيناريو أمني مفبرك – شبيه بما حدث في 7 أكتوبر 2023 في غزة – لكن هذه المرة على الجبهة الأردنية. وفق تحليل قدمه الإعلامي الأردني ياسر الزعاترة وعدد من المراقبين، قد تستخدم إسرائيل جماعات مثل داعش أو القاعدة أو “خلايا نائمة”، لتنفيذ هجوم وهمي من الأراضي الأردنية، ما يبرر تدخلاً عسكرياً إسرائيلياً بحجة “الدفاع عن النفس”.
وفي السياق نفسه، تبرز تصريحات وتحركات إعلامية إسرائيلية مثيرة للقلق، من بينها دعوات علنية للاستعانة بالجيش الأمريكي لضرب أهداف داخل مصر، بل والتلويح بضرب “السد العالي”، وهو ما يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي المصري، في مشهد يعكس تصاعداً في خطاب التوسع الإسرائيلي القومي والديني. في المقابل، عزز الجيش المصري من وجوده في شمال سيناء، حيث نشر نحو 40 ألف جندي ومنظومات دفاع جوي، في تحرك اعتُبر خرقاً لاتفاقية كامب ديفيد، ما استدعى مراقبة أمريكية جديدة على الأرض. هذه التحركات جاءت في ظل مخاوف مصرية من خطة إسرائيلية لتهجير سكان غزة باتجاه الحدود المصرية، وهو ما قد يؤدي إلى أزمة إنسانية وأمنية كبرى.
وبينما المجاعة تشتدّ في غزة بناءً على تقارير الأمم المتحدة، وسط تقاعس دولي وصمت عربي رسمي شبه كامل. يعيش أكثر من مليوني إنسان في غزة أوضاعاً مأساوية من الجوع والعطش، وتقف المساعدات الإغاثية عاجزة عن الوصول بسبب الإغلاق المستمر لمعبر رفح من الجانب المصري، وسط تبريرات رسمية لا تقنع – العاقل -. وتكمن الصاعقةُ المُخزية، بما أظهرته البيانات الرسمية الإسرائيلية، حول الصادرات العربية من غذاء ومواد تموينية إلى إسرائيل!.
وتبعاً للتلفزيون الإسرائيلي، أشارت الإحصاءات أن خمس دول عربية مطبّعة (مصر، الأردن، الإمارات، المغرب، البحرين) صدّرت خلال شهر يونيو وحده منتجات غذائية متنوعة إلى إسرائيل، هذه المنتجات شملت مئات الأطنان من الخضروات والفواكه والمعلّبات. البيانات الإسرائيلية الرسمية من المكتب المركزي للإحصاء كشفت صادرات بـ 116 مليون دولار في شهر يونيو فقط، “صادرات عربية إلى إسرائيل من المنتجات محلية المنشأ بلغت 116 مليون دولار”، تشمل أصنافاً غذائيةً تنوعت بين خضروات، فواكه، سكريات، قهوة، شاي، أسماك، حبوب… إلخ.
مصر التي تُغلق معبر رفح على الرغم من وجود أكثر من 20,000 شاحنة مساعدات متوقفة، تتصدّر المرتبة الأولى بصادرات غذائية بقيمة 3.81 مليون دولار شملت المانجا، عصائر، قمح، والذرة، وفق التقارير الإسرائيلية. تأتي المغرب بالمرتبة الثانية ثم الإمارات فالأردن والبحرين. فيما بلغت صادرات الطماطم من الأردن ما يتجاوز الـ 700 طن إلى إسرائيل. لا ينكر الأردنيون ذلك بادعاء مسؤولين حكوميين أردنيين أنه “لا توجد آلية ملزمه لمنع تجار القطاع الخاص من الاستمرار في التصدير إلى اسرائيل.”
هذه المفارقة دفعت البعض إلى توصيف المشهد بـ “المجاعة في غزة والفجاعة في إسرائيل”، في إشارة إلى التخمة الغذائية التي تعيشها إسرائيل – بدعم من الدول العربية – مقابل تجويع غزة وإبادتها أيضاً – بغدر الدول العربية -.
اللافت أن هذه الصادرات لا تشمل فقط المنتجات الغذائية، بل امتدت لتشمل سلعاً صناعية ومواداً طبية، – أمّا الصادرات العسكرية فلها بحثها الخاص – وسط غياب أي موقف سياسي أو دبلوماسي حازم من هذه الدول بشأن تصريحات إسرائيلية خطيرة تتحدث عن مشاريع توسعية تمس سيادة دول عربية. هذه الحقائق تُثبت إدانة هذه الدول بشكل رسمي وتؤكد مُشاركتهم بجرم القتل والإبادة عندما يُفضح التناقض بين الخطاب السياسي الرسمي والتصرفات الاقتصادية على الأرض!.
كلمةُ الأمين
كلمة أخيرة، مقتبسات كافية وشافية من كلمة أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، “أمريكا إلى الآن تفرض عقوبات على لبنان، أمريكا إلى الآن تحرمنا من الغاز، أمريكا تعمل ليل نهار لتمنع الإعمار وإعادة الإعمار وتمنع مجيء المساعدات من الدول المختلفة التي أعلنت جهاراً بأنها حاضرة لدعم لبنان لكنها ممنوعة لأن أمريكا لا تريد أن تعمّر لبنان، أمريكا تعطي سلاحاً للجيش اللبناني بمقدار يستطيع من خلاله أن يقاتل داخلياً ولكن ممنوع من السلاح الذي يمكن أن يقاتل إسرائيل، أمريكا تمنع السلاح الذي يحمي الوطن.. ألا لعنه الله عليهم.. هذه أمريكا التي تعبث بلبنان ليست موثوقة بل هي خطر على لبنان، ترامب يريد منطقه إقتصاديه في غزة ويطرد أهل غزه والآن حسب الإكسيوس يريد منطقه اقتصاديه في جنوب لبنان ليطرد أهل جنوب لبنان ويعطي هذه المنطقة للكيان الاسرائيلي نتنياهو يريد إسرائيل الكبرى التي تشمل لبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر فضلاً عن فلسطين كل فلسطين“.
ونختم بالبيت الشعري الذي استشهد به الأمين العام “ما أطيب الرغيف من عرق الجبين وما أسوأ الطعام الفاخر والقدم فوق رأس آكله”.
لقد صبرت المقاومة مطوّلاً وهي تكظم غيظها وتكبت فوران كبدها على كل الانتهاكات والألم الذي يطال ناسها خصوصاً واغتصاب أرض الجنوب ومنع أهلها عنها، اتُّخذ القرار الآن بالنزول إلى الشارع بدءاً من أيلول المقبل، عبر تحرّكات تصاعدية، نقابية وطلابية وعمّالية، تأخذ في الاعتبار درجة تفاعل الحكومة مع العناوين والمطالب التي سترفعها التحرّكات، والتي سيكون التراجع عن القرارات المتعلّقة بالسلاح أساسها.
فما هو السيناريو المُرتقب؟ هل تسقط الحكومة؟ وتأتي حكومة غيرها تستطيع أقلّها أن تقول للأمريكي والإسرائيلي “لا”… أم أن ما من سبيل لصون أرض الوطن سوى بالقوة وطرد العدو بالسواعد والبُندُقية؟!.
