عدوان صهيوني جديد على اليمن.. الصواريخ الانشطارية تؤرق “إسرائيل”
بقلم نوال النونو
انتقلت القوات المسلحة اليمنية، الجمعة قبل الماضية، إلى خطوة مهمة في عملياتها المساندة لغزة من خلال استهداف كيان العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة بصواريخ باليستية فرط صوتية انشطارية يصعب التعامل معها من قبل دفاعات العدو الإسرائيلي.
واستهدفت العملية مطار [بن غوريون الدولي]، وعند محاولة الدفاعات الجوية الصهيونية التصدي للصواريخ تفكك الصاروخ إلى شظايا انشطارية، ما أحدث القلق والرعب في صفوف جنود الاحتلال، وسقطت بعض الشظايا بالقرب من المطار، بحسب وسائل إعلام صهيونية، وذلك لأول مرة خلال عملية التصدي.
ولجأ كيان العدو الإسرائيلي عقب هذه العملية إلى تنفيذ عدوان جديد على اليمن، هو الرابع عشر منذ عام 2023، مستهدفاً العاصمة صنعاء، حيث ركّزت الغارات على محطة تموين للوقود تابعة لشركة النفط، ومحطة غاز منزلي، وكذلك محطة كهرباء تُسمى “محطة حزيز”، وقد تم استهداف الأخيرة عدة مرات من قبل الكيان الصهيوني، وتسببت غارات العدو في ارتقاء 10 يمنيين شهداء وإصابة العشرات، بعضهم جراحه خطيرة.
وتعليقاً على هذا العدوان، اعتبر المكتب السياسي لأنصار الله أن هذه الغارات الجبانة ضد الأعيان المدنية لن تؤثر في تماسك الجبهة الداخلية في اليمن، مؤكداً أن الشعب اليمني سيواصل الرد على العدوان والدفاع عن سيادة البلاد ومقدراتها، وأنه لن يحيد عن التصدي للمشروع الصهيو/أمريكي، متوعّداً بالتصعيد بكل الوسائل حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها.
وعلى مدى الأيام الماضية، ظلت وسائل الإعلام العبرية تتحدث عن الصاروخ والعملية اليمنية الجديدة، معبّرةً عن مخاوفها من امتلاك اليمن صواريخ انشطارية مشابهة للصواريخ الإيرانية التي دكّت عمق كيان العدو وأحدثت دماراً غير مسبوق في تل أبيب.
واعتبرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية أن إطلاق الصواريخ الانشطارية من اليمن يزيد بشكل ملحوظ من نطاق التهديد، ويعقّد عملية اعتراض دفاعات العدو، ويجعل المعالجة بعد الاصطدام أكثر صعوبة، مشيرةً إلى أن استخدام اليمنيين هذا النوع من الصواريخ ضد كيان العدو يمثل تطوراً كبيراً ومثيراً للقلق، لأن هذه الصواريخ تجعل أنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية مثل “حيتس” و”مقلاع داود” أقل فاعلية، لأنها ليست مهيأة لاعتراض القنابل المتناثرة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين صهاينة كبار وصفهم لليمنيين بأنهم “أكثر الأطراف جنوناً في المنطقة”، وأن الدخول في معركة معهم أمر سيئ؛ لأنهم “عملياً غير قابلين للردع”، مشيرةً إلى أن العمل الاستخباراتي للعدو الإسرائيلي بدأ فعلياً في اليمن في صيف عام 2024م، ما يعكس قلقاً إسرائيلياً متزايداً من القدرات العسكرية اليمنية وتأثيرها في الأمن الإسرائيلي.
رعب جديد للمسيرات اليمنية
ويتخوّف العدو الإسرائيلي من فشل منظوماته الدفاعية في اعتراض الصواريخ اليمنية، وخصوصاً إذا استمر اليمن في إطلاق هذا النوع من الصواريخ الانشطارية، الأمر الذي يشكّل حرجاً للكيان. ولهذا جاء العدوان على اليمن واستهداف المنشآت الحيوية كورقة ضغط على صنعاء للتوقف عن استهداف عمق الكيان المؤقت.
ويرى الخبير والمحلل العسكري زين العابدين عثمان أن موازين الردع والتفوّق قد تبدّلت، وأن منظومات الدفاع الصهيونية لم تعد تجدي نفعاً أمام قوة وتأثير الضربات الصاروخية والجوية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية على نحو شبه يومي، سواء باتجاه منطقة يافا أو بئر السبع أو أم الرشراش وغيرها من المناطق المحتلة.
ويشير إلى أن العمليات اليمنية لا تقتصر على الصواريخ الفرط صوتية والانشطارية، فهناك سلاح آخر فعّال يتمثل في الطائرات المسيرة، التي أصبحت أكثر قوة وتتسم بالتطور والدقة والكفاءة العالية إلى درجة لا تستطيع أحدث أنظمة الدفاع التي يتحصّن خلفها كيان العدو مواجهتها أو اعتراضها.
وخلال الأسبوع الماضي، اخترقت طائرة مسيّرة يمنية هجومية أجواء فلسطين المحتلة دون أن تتمكن منظومات الدفاع الصهيونية من اعتراضها أو حتى رصدها مسبقاً، إذ استمرت في التحليق في العمق إلى درجة أربكت خبراء كيان العدو وأجبرتهم على اتخاذ قرار تشغيل المقاتلات الحربية والمروحيات في مهمة المطاردة والاعتراض، التي فشلت فيها جميع نظم الدفاع الأرضية مثل “القبة الحديدية” ونظام “مقلاع داود” و”حيتس” وغيرها من النظم الدفاعية وأنظمة الحرب الإلكترونية المتطورة، وقد عرضت مشاهد من داخل المناطق المحتلة إحدى مقاتلات العدو الصهيوني وهي تطارد الطائرة المسيّرة مستخدمة صواريخ جَوّ/جَوّ لمحاولة اعتراضها وإسقاطها.
ويثبت اليمن من جديد أنه لا يتعامل مع الوقائع والأحداث من بوابة الاستعراض الإعلامي أو الاستهلاك الكلامي، وإنما يمضي وفق خطط منسقة ومرتبة، وينتقل من مرحلة إلى أخرى بنجاح وفاعلية تربكان حسابات الأعداء وتجبرهم على التراجع، كما تتعامل القيادة اليمنية بحكمة ووعي، ولا تنتقل إلى خطوات تصعيدية كبرى إلا بعد أن تُعدّ نفسها لكل الاحتمالات والسيناريوهات.
وتُعدّ اليمن الدولة العربية الوحيدة في المنطقة التي تتعامل مع كيان العدو الإسرائيلي بندّية؛ فهي لا تقبل الاستباحة ولا تسكت على الضيم، فمع كل غارة عدوانية صهيونية على اليمن، تردّ القوات المسلحة اليمنية بعمليات أقوى وأعنف في مغتصبات كيان العدو، الأمر الذي يجعل حسابات القادة الصهاينة بشأن الجبهة اليمنية معقّدة وصعبة للغاية، فالعدو هنا يواجه خطرين محدقين: الأول يتمثّل في الصواريخ الفرط صوتية والانشطارية والطائرات المسيّرة، والثاني في صعوبة تنفيذ عمليات عدوانية على اليمن عبر الطائرات ومخاوف الكيان من قدرة الدفاعات اليمنية على إسقاطها، لا سيما أنّ العدو لا يستخدم سوى أحدث الطائرات مثل (أف 35) الشبحية، وستكون فضيحة مدوّية للكيان إذا تم إسقاط طائرة واحدة على الأقل.
ومع التحضيرات اليمنية الكبيرة للاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف يوم الخميس القادم، يتوقع الكثير من المتابعين أن يقدم اليمن على تنفيذ عمليات موجعة في عمق كيان العدو للرد أولاً على العدوان الصهيوني على اليمن، وثانياً لمحاولة إحداث اختراق “لإسرائيل” بغية رفع العدوان والحصار على قطاع غزة، وما يؤكد هذه الفرضية أن اليمن اعتاد خلال السنوات العشر الماضية ألا تمر هذه المناسبة دون أن تكون هناك عمليات عسكرية نوعية ضد أعداء اليمن، باعتبار أن المولد النبوي هي المناسبة الأهم والأغلى لدى اليمنيين.
