انعكاسات مؤتمر الأمن البحري في الرياض على اليمن
بقلم نوال النونو
برزت كلمة ما يسمى برئيس مجلس القيادة الرئاسي العميل للرياض رشاد العليمي في قمة الدوحة خارجة عن المألوف، ففي حين كانت الكلمات تنتقد الهمجية الصهيونية في المنطقة.. كان العليمي يبرر العدوان الصهيوني على اليمن، مدعياً أن “الحوثيين” يطلقون الصواريخ العابرة للحدود، ويعسكرون البحر الأحمر، في تماه واضح مع الأجندة الصهيونية.
ويعدّ “العليمي” لمن لا يعرفه أحد الشخصيات اليمنية البارزة المقربة من الولايات المتحدة الأمريكية، ولعب خلال فترة العدوان السعودي الإماراتي على اليمن دوراً كبيراً في تقديم الإحداثيات للعدوان، باعتبار أنه كان في وقت سابق وزيراً للداخلية إبان حكم الرئيس علي عبد الله صالح، والعليمي الآن يشغل منصب رئيس مجلس القيادة الرئيس، ويقدم نفسه بأنه الرئيس الشرعي لليمن.
ويقيم العليمي في العاصمة السعودية الرياض، ويدير تحركاته السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وجميع خطاباته وتحركاته تصب ضد الحكومة في صنعاء و”أنصار الله” الذين يساندون غزة في موقف تاريخي لا غبار عليه.
ويأتي حديث العليمي عن عسكرة أنصار الله للبحر الأحمر، متوازياً مع تصريحات لقيادات حزبية يمنية عميلة للسعودية تتحدث عن ذلك، وتبرز لها تغطية واسعة في وسائل إعلامها، حيث تغفل بشكل واضح وجلي الدور الكبير للقوات المسلحة اليمنية التابعة لأنصار الله في حصار الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر، وما ترتب عليها من تعطيل لميناء [ايلات] جنوبي فلسطين المحتلة، بل إن الرواية التابعة لخونة اليمن تتحدث بأن الحصار اليمني للكيان الصهيوني هو إثارة للقلاقل وتهديد للملاحة الدولية.
40 دولة تدعم خفر السواحل التابع للعليمي
وبناء على ما سبق، شهدت العاصمة السعودية الرياض الثلاثاء الماضي انعقاد “مؤتمر الأمن البحري” بمشاركة أكثر من 40 دولة، حيث لوحظ الاهتمام الواسع للمؤتمر بالحديث عن اليمن، وضرورة تأمين الملاحة الدولية، زاعمين أن “الحوثيين” يهددون هذا الممر المائي الحيوي، مع أن الحقيقة عكس ذلك تماماً، فما يقوم به أنصار الله هو إسناد للمقاومة الفلسطينية في غزة، وهو حصار فاعل لكيان العدو في البحر الأحمر.
وناقشت هذه الدول كيفية تقديم الدعم لقوات خفر السواحل التي تتبع خونة اليمن وتعزيز أمن البحر الأحمر، حيث قدمت السعودية 4 ملايين دولار لهذه المهمة، إلى جانب مساهمات أخرى تشمل التدريب والتأهيل وتقديم الاستشارات، ودعم بناء قدرات الوزارات المختلفة، بما في ذلك وزارتا الداخلية والدفاع، وغيرها من الجهات المعنية.
ويكشف رئيس مصلحة خفر السواحل التابعة لخونة اليمن اللواء خالد القملي أن هذه القوات ستقوم بتسيير دوريات بحرية، ورصد تحركات السفن المشبوهة، والمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ، والتصدي لأنشطة التهريب، والتسلل غير المشروع، إضافة إلى حماية الممرات البحرية الدولية وضمان سلامة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، وهي مسؤولية استراتيجية تتجاوز البعد الوطني لتشمل الأمن الإقليمي والدولي، ما يعني أن الهدف الأساسي من وراء هذه الخطوة هي العمل الاستخباراتي بالدرجة الأولى لكيان العدو، والعمل على وضع العراقيل أمام القوات المسلحة اليمنية التابعة لأنصار الله لإيقاف استهداف السفن التابعة للعدو الإسرائيلي أو المتجهة إلى ميناء [ايلات]. وستتولى بريطانيا برامج تدريب وتأهيل لهذه القوات، حيث تشمل مجالات القيادة والعمليات البحرية والأمن البحري، إضافة إلى تخصصات فنية متقدمة.
مهمة شاقة ومعقدة
وتشرف اليمن جغرافياً على البحرين الأحمر والعربي، وخليج عدن، ومضيق باب المندب، وتسيطر القوات التابعة للخائن العليمي المدعومة من الإمارات والسعودية على محافظات يمنية هامة تطل على خليج عدن، والبحر العربي، مثل محافظات حضرموت والمهرة وشبوة، وأبين ولحج، وجزيرة سقطرى، وهذه المحافظات تقع عملياً تحت السيطرة الأمريكية السعودية الإماراتية الصهيونية، وهي تشكل خطراً كبيراً على الملاحة الدولية، وخاصة التجارة الصينية، والإيرانية، وغيرها.
أما أنصار الله فيسيطرون على محافظتي حجة والحديدة، المطلتين على البحر الأحمر غربي اليمن، وهذه السيطرة تمكنهم من استهداف سفن العدو الإسرائيلي التي تحاول عبور مضيق باب المندب باتجاه ميناء [ايلات]، إضافة إلى قدرات القوات المسلحة اليمنية التابعة لأنصار الله على استهداف أية سفينة في البحر الأحمر من أية نقطة برية في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وهذه العمليات سببت حالة إرباك كبير للأمريكيين والصهاينة، وفشلت التحالفات الأمريكية والغربية في ثني اليمن عن موقفه المساند لغزة.
وتحاول أمريكا والدول الغربية والسعودية الدفع بخونة اليمن إلى الواجهة، للقيام بهذه المهمة بدلاً عنهم، مستغلين قيام كيان العدو الإسرائيلي باستهداف ميناء الحديدة بالغارات الجوية، وهي ورقة يحاول أعداء اليمن تفعيلها لإضعاف أنصار الله وقواتهم المسلحة، مع إعلان قوى سياسية موالية للسعودية والإماراتي علانية استعدادهم للتعامل مع الصهاينة من أجل القضاء على الحوثيين كما يقولون.
وتعد هذه المحاولات غير مجدية، نظراً لعدة عوامل، من أبرزها امتلاك القوات المسلحة اليمنية التابعة لأنصار الله لأسلحة نوعية من بينها الأسلحة البحرية والألغام والغواصات والطائرات المسيرة التي فشلت معها القطع البحرية الأمريكية وحاملات الطائرات، فما بالك بقوات محدودة تقليدية لخفر السواحل التابعة للخائن العليمي، والتي لن يكون لها أي تأثير على اليمن اطلاقاً.
ستظل السعودية تبحث عن وسائل متعددة لاستبعاد أنصار الله من المشهد السياسي اليمني، غير أن الواقع يدل على أنهم أصبحوا قوة إقليمية، وأن المحاولات السعودية سترتد عليها وبالاً، خصوصاً إذا ما قرر اليمن استئناف ضرباته في عمق السعودية لإجبارها للتخلي عن التدخلات السلبية في اليمن، والتعامل مع صنعاء باعتبارهم الأمر الواقع والحكام الفاعلين لليمن، وليس الأدوات التي تتخذ من الرياض مقراً لها وأقصد بذلك العليمي وحكومته الخائنة.
