عبرة الكلمات

عبرة الكلمات 421

بقلم: غسان عبد الله

بحر بلا زُرقة

أبداً، أنا البحار، أبحر بلا زمن‏ البحر ضاع، غادرته الشواطئ‏ ومركبي متعب، بلا مرساة،‏ ولا راية.‏ صارت ساقي صارياً‏ صدري شراعاً تعبث الريح به‏ قلبي منارة مطفأة.‏ يابس صدر السماء‏ جسد الأرض رماد‏ البحر بلا أفق‏ البحر بلا زرقة‏ وصوتي ضائع بين الماء والسماء‏.

بقاء

رحلتْ مدني‏ فاحترفتُ البقاء.. كلّهم رحلوا يا مودّعُ‏ وها أنا ذا‏ واقفٌ بانتظارِ الدروب‏ آخرَ الراحلين‏ كان الشجرُ‏.. أوْدَعَني اخضراراً‏.. وجذراً عميقاً‏ والسماءُ التي رحلتْ‏ أودَعَتْني بريقاً‏ كلّهم رحلوا يا مودّعُ‏.. كلُّ العيونِ نظرتْ نحونا بارتيابْ‏ وبقينا‏.. أنا..‏ وصديقي الترابْ.‏

أكل

حين بكى البحرُ‏ رفعْنا قمصاننا أشرعةً‏ ونصبْنا أجسادنا صواريَ‏.. وأسْكَرْنا الريحَ حدّ الثمالةِ‏ بزبدِ أخطائنا‏.. ولأنّ الأسماك حينَ هاجمتنْا‏ أحسَسْنا بآدميتها‏.. وأن البحرَ‏ حين بكى‏ لمْ يبكِ على موتانا‏ الذين دفنّاهم فيه‏ لكنّهُ بكى علينا‏ ونحنُ نأكلُ بعضَنا‏ عن طريقِ الأسماك.

موت

لم أَمُتْ بَعْدُ‏ حتَّى يلاحقَني عدمي‏ وتفتش روحيَ عن هيئةٍ للحلولْ.‏. لم أمت بعدُ‏ كلُّ العصافيرِ تحفظُ وِرْدِيَ‏ عن ظهرِ قلبٍ‏ وخطوتُها في هُيَامي تَطولْ.‏. لم أمت غير أنّي‏ أرى غربتي الآنَ‏ تنسلُّ من صوفِ ثوبيَ‏ خيطاً فخيطاً‏ بأيدي الفناءِ‏ فكيف إذن‏ لا أرى الموتَ أعمقَ معنىً‏ من الحبِّ‏ في ملكوتِ المحيطِ‏ الخليجْ؟‏.