عبرة الكلمات

عبرة الكلمات 514

بقلم غسان عبد الله

المدى والليل

أغفو على ضحكِ الرياحِ‏.. وحين أصحو، تستدير الريحُ مثلي‏ كي يمر الليلُ‏.. يزعم صاحبي أن المدى والليلَ‏ يستبقانِ‏.. مرَّا مثلَ زوبعتين في القدس العتيقةِ‏.. كل شيءٍ في زقاق القدس محمولٌ على‏ الأيدي‏.. جدارُ القدس محمولٌ على الأيدي‏.. جدارُ القدس، والشطآن في بردى‏ ملتصقانِ‏.. كل شوارع المدنِ العتيقةِ مهرجاناتٌ‏.. يمر الليل فيها مرتينِ‏ يعطّلُ الأضواء، ثم يَنامُ‏.. يزعم صاحبي أني أجرُّ عباءتي‏.. نعشي‏ يرافقني، لنصطحب المدى‏.. ظلَّ يُشابهني..‏ كلانا يصلحان لألف شيءٍ‏.. ولكنيِ أنا من غيره أمشي!.

‏ دبابيس

النجوم، التي يتوهمها المطبعي، حروفاً متناثرةً على أديم الليل.. النجوم، التي يراها المدفعي، دموعَ الأرامل التي سيخلفها بعد كل قذيفة.. النجوم، التي يحسوها السكّير، حبيباتٍ طافيةً من الذكريات المرّة.. النجوم، التي يتلمسها السجينُ، سجائرَ مطفأة في جلده.. النجوم، التي يتأملها العابدُ، رذاذَ ماء الوضوء على سجادة الكون.. النجوم.. دموعنا المعلقة ـ بالدبابيس ـ في ياقة السماء.. ترى أين تختفي عندما تفتحُ نافذتكَ.. في الصباح.

جناح وريش

أنا الطفلُ.. كيف تمرُّ العصافيرُ عِبرَ الفضاء أمرُّ.. ومثلي العصافيرُ تأكل حَبَّ العنبِ.. حلاوتُهُ كالقَصَبْ تمر ببالي‏ وتستكينْ.. وأشكالُهُ مثلُ ألوانِهِ تزيِّنُ عيني‏ّ.. وظلُّ العرائشِ إن خيَّم الحَرُّ يَرفِدُني بالطراوةِ.. يملأُني بالحلاوة‏.. بالحنينْ.. لماذا أفكِّرُ بالموت؟ هذي الحياةُ الشهيةُ حولي‏ تُكوَّرُ مثلَ العناقيدِ في الكرمِ دانيةً للقطافِ زاهيةً للعيونْ..‏ ولكنْ يدي كبلتها المجازرُ‏ وصوتٌ أجشُّ يجيءُ من العمقِ:‏ لا تقطفِ الكرمَ، اتركه للجنودِ القادمينَ.. وحولي كروم الحياةْ، يحمِّلُها الوجدُ ما لا تطيق‏ من الشجونْ.. تُرى كيف روحُ العناقيدِ مثلُ العصافيرِ تصبحُ ريشاً.. جَناحاً، تطير إلى حُلُمٍ لا يكونْ..‏ تعودُ بقبابِ الروح التي صادرتها الريحُ.. واغتالها سيفُ المنون؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *