إقليميات

صنعاء أمام التهديدات الصهيونية.. ما خيارات الرد والمواجهة؟

بقلم نوال النونو

وفي كلمة له أمام الحكومة تحدث نتنياهو عن أمور كثيرة، وحينما وصل إلى الشأن اليمني قال إن ” اليمنيين يطلقون صاروخاً باليستياً علينا من حين إلى آخر، ونحن نعترض الصواريخ، وينظر إلى الأمر كمسألة صغيرة، لكنه ليس صغيراً، إنه تهديد كبير جداً من حركة متطرفة إلى أقصى حد، لديها قدرة على تصنيع صواريخ باليستية وأسلحة أخرى محلياً، وهي ملتزمة بما يسمونه خطة القضاء على إسرائيل، وهذا ليس أمراً نظرياً فحسب، بل يمكن أن يتطور مع الوقت، وهو بالطبع مدعوم من ايران، وسنفعل كل ما يلزم لإزاحة هذا التهديد أيضاً، بعبارة أخرى، نحن نعمل ضد محور، الذي رغم كسره وهزيمته، ما زال يحاول تجديد برامجه لتدمير إسرائيل، سنحرمه بحزم من القدرة على ذلك”.

 ويتضح من خطاب نتنياهو مدى الانزعاج الكبير من الجبهة اليمنية التي شكلت على مدى عامين صداعاً مزمناً، وعجز أمريكي صهيوني في ايقافها، على الرغم مما تعرض له اليمن من ضربات عسكرية موجعة، استهدفت البنى التحتية والمنشآت الخدمية، ووصلت إلى اغتيال رئيس الحكومة أحمد غالب الرهوي، واغتيال رئيس هيئة الأركان الفريق محمد عبد الكريم الغماري، إلا أن الجبهة اليمنية ظلت حتى اللحظة الأخيرة مساندة لغزة، وتميزت بتصاعد وتيرتها، وضرباتها الموجعة ضد الكيان، ومن أبرزها فرض حصار بحري خانق على ميناء أم الرشراش أدى إلى توقفه بالكامل، وضربات صاروخية مكثفة أعاقت حركة الملاحة الجوية في مطار بن غوريون.

ولم تقتصر العمليات اليمنية عند هذا الحد، بل أنها هزت ثقة المجتمع الصهيوني بحكومته لعجزها في التصدي للصواريخ اليمنية والطائرات المسيرة، وقد ظل الخوف والهواجس النفسية ترافق الصهاينة على مدى عامين بسبب الصواريخ اليمنية والطائرات التي ضرب قلب مطار “رامون” وأجبرت ملايين الصهاينة على الدخول إلى الملاجئ في كل عملية تطلق على الكيان.

وبالمقارنة، فإن الحكومة الصهيونية قبل طوفان الأقصى 2023م، لم تكن تنظر إلى الجبهة اليمنية كعامل تهديد رئيسي، ولم يكن يخطر على بال أحد أن تشكل لهم صداعاً خلال العامين الماضيين، وهذه النظرة لم تكن مقتصرة على الجانب الصهيوني فحسب، وإنما على أمريكا وكافة الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان، وحتى المراقبين والمحللين مثلت لهم الجبهة اليمنية عامل مفاجأة، ومن هنا نستطيع أن نفسر سبب ارتفاع نبرة التهديدات من قبل المجرم نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس الذي وعد برفع العلم الصهيوني في صنعاء.

المواجهة حتمية

وعلى عكس الكثيرين، يبني “أنصار الله” موقفهم من الأحداث والتطورات والصراع مع الصهاينة من منظور قرآني، وليس من منظور المصالح السياسية أو الرغبة في السلام وتوقف الحرب. ويؤكد زعيم أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي على حتمية واستمرار الصراع مع “إسرائيل”، وأن ذلك سيتواصل طالما بقيت فلسطين محتلة، وهو لا يؤمن بالسلام مع الكيان، ويؤمن بأن الصهاينة مخادعين ولا يلتزمون بالعهود والمواثيق، وأن مخططهم كبير وواسع في المنطقة، وأنهم لا يمكن أن يتوقفوا عن شن الحروب حتى تتحقق كافة أهدافهم.

ويقول السيد الحوثي في خطاب له الثلاثاء الماضي بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد: “الأمة الإسلامية قادمة حتماً على جولة مواجهة مع العدو الإسرائيلي، فالمنطقة لن تشهد أمناً أو استقراراً أو سلاماً طالما بقي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، واستمرار مخططات الصهيونية ضد الأمة“.

وبناء على هذه النظرة، يشدد السيد الحوثي على البناء الإيماني والاعتماد الكامل على الله، معتقداً أنهما السبيل لتحقيق الصمود والانتصار، وأن الاستسلام والخضوع للأعداء لا يحمي الوطن من شرورهم، وأن الأمن والاستقرار في اليمن لن يتحقق إلا بروح الجهاد والشهادة والتضحية في سبيل الله، فالشهادة هي امتياز ايماني عظيم منحه الله للذين قدموا أرواحهم في سبيله.

من هذا المنطلق، فإن تهديدات الصهاينة لا تخيف اليمنيين، واليمن سيواجه أي عدوان وسيرد بحزم وخيارات الشعب متعددة وأوراقه واسعة، والطريق الذي يحاول العدو الصهيوني فرضه على اليمن لن يمر دون ثمن، وهذا الكلام لنائب وزير الخارجية بحكومة صنعاء عبد الواحد أبو رأس.

ويعتقد أبو رأس في بيان له الاثنين الماضي أن أي اعتداء على اليمن سيدخل الكيان المؤقت في معركة معقدة لن يتمكن من التحكم في مجرياتها، مؤكداً أن اليمن يراقب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وهو مستعد لاستئناف العمليات العسكرية في حال عودة العدوان والحصار على القطاع.

وأمام هذه المعطيات، فإنه لا خيار أمام صنعاء سوى المواجهة والاستمرار في تحدٍ لكيان العدو، وعدم التراجع، فالبناء لأنصار الله ومنذ سنوات كثيرة يتم وفق أسس ايمانية، تنظر إلى الكيان الصهيوني بأنه العدو الأول للأمة، وشعار أنصار الله مطبوع في لوحات كبيرة وصغيرة ومعلق على الشوارع والمنازل “بالموت لإسرائيل”، وهي ثقافة تؤمن بالحرب المتواصلة مع الكيان، حتى يتحقق الوعد الإلهي بالهزيمة الحتمية للعدو الإسرائيلي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *