حبر على ورق

حبر على ورق 521

بقلم غسان عبد الله

النفخ في الرماد

يا أيها القلمُ المعبأُ بالنوايا الطيبات.. وبالوداد هذا زمانٌ لا يليق بنا.. هذا زمانٌ لانهياراتِ المطامح وانتحاراتِ المنى.. هذا زمانٌ للسلوك الرخو واللفظِ المخنَّثِ والفساد..

هذا زمان للجرادْ.. فابلع مَدَادَكَ.. لم يعد يُجدي العناد.. كل الذي سطَّرْتَ من شِعْرٍ طوال العمر نفخٌ في الرماد.

وقت كالفجر‏

يتبدَّى الوردُ فيصيرُ فضاءُ بدايتنا مشعَلْ…‏ تتبدّى الروحُ وتطفّئُ عبءَ الأيامْ‏ وتطيّرُ شوقاً ملتهباً‏ وتطوْفُ بهِ فوقَ منازلها‏ مبدعةً للكلماتِ كواكبَها‏ وللريحِ ملاحَمها‏ والأملِ المتعطّشِ منهلْ.. كيفَ أنرتَ الوقتْ؟‏ فابتهجَ الغيمْ‏ وانتظرَ الأهلُ بروقاً‏ تنبعُ من ظلماتِ الوطنِ المهمَلْ…‏ كيفَ دعوتَ الماءْ؟‏ فانساحتْ أنهارٌ أولى‏ وانتشرتْ أعراسْ‏ وابتدأَ البرعمُ يأخذُنا‏ نحوَ المستقبلْ…‏ أبداً قَدْ تزدهرُ الأرضُ‏ بمن فيها‏ فلنحلُمْ بالطيرِ‏ وقد طلَّتْ بأغانيها‏ ولنركضْ نحوَ زمانٍ‏ من لَهَبٍ‏ ومكانٍ من كُتُبٍ‏ فالقادمُ /رغمَ تهشُّمنا/‏ أجملْ…!‏

لا ترحل!!

لا ترحل.. تمهَّلْ.. ما يزالُ على الأفقِ بصيصٌ من ضياء.. ما تزالُ صورُ المودِّعين تنادي “ويحَ الزمان.. ويحَ التاريخ..”، لا ترحل يا أخ الأوردة.. وصديقَ الصباحات.. فأنت حينما أفْرَدْتَ جناحَكَ للهضاب والحقول.. وخلّفْتَ وراءَكَ الحنايا والقلوب.. لم تكن تسْعى وراءَ الليل والأشعار.. والدمى والعطرِ وطِيْبِ الهوى واللعب والنوم على عبَقِ التراب.. كان في صدْرِكَ عُصْفورُ الحسين يُغرِّدُ.ز وأناشيدُ الدوالي.. في وريد قلْبِكَ تفورُ لتوقِظَ في القدسِ تثراباً زيتوناً وصُبَّارْ.. كان في صدْرِكَ عَبَقُ التُرابْ.

مهرجان

أمسِ قابلْتُهُ عند حافة هذا المكان.. كان يعبُرُ حزْنَ المنافي.. ورُدُهاتِ الأقصى.. وسواقي الخليل.. وهو يحُثُّ الخطى ويهشُّ  ببندقيته على غنم الشروق.. فاستوْقَفَتْهُ- على البعدِ- زنبقةٌ سريعةُ الجريان.. “يا أنت!!” فتبسَّمَ ثم مضى.. لم أدرِ إن كان للورد أم لدمعي على وجنتيي.. أم للزنابقِ كلُّ هذا الوجدان؟!!.. دَلَفَ صوبَ جمْهَرَةٍ من جُنْدِ الاحتلال.. غابَ وغابَ.. ثم تصاعدَ أسْودَ الدُّخان.. وبعد لحظة ذهول.. رأيتُهُ يعْبُرُ سُرادِقَ الموت صوب أطياف ملائك على القرب من برزَخِ الأمان.. ثم تراقصَ المكان.. ومضةٌ واحدةٌ.. ثم.. تفتَّقَ الوردُ والأقْحوان.. وكان المهرجان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *